نام کتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية نویسنده : محمد محمود ربيع جلد : 1 صفحه : 170
وحيث إننا لسنا بصدد المقارنة بين هذين الاتجاهين المتعارضين اللذين يختلفان حول أي القوتين الاقتصاد أم السياسة لها اليد الطولي والتأثير الفعال، فإن الحقيقة الهامة التي تجدر الإشارة إليها هي أنهما لم يختلفا حول العلاقة الوثيقة التي تربطهما ببعضهما البعض، وكذلك الاعتماد الكبير المتبادل بينهما.
إلا أن تطور المجتمعات والنظم الاقتصادية شاءت الليبرالية أو لم تشأ يتجه إلى حسم هذه القضية في صالح الاقتصاد وأسبقيته في مجال التأثير على السياستين المحلية والدولية. فقد تغيرت الظروف التي كانت سائدة في بداية النظام الرأسمالي, حيث المنافسة الحرة وعدم تدخل الحكومات في النشاط الاقتصادي إلى أوضاع أخرى تفاقمت فيها مشاكل المنافسة الاحتكارية ليس داخل كل بلد رأسمالي فحسب, وإنما بين الدول الرأسمالية الكبرى أيضا حتى انفجرت الأزمة الاقتصادية عام 1930 التي دفعت الحكومات إلى التدخل المباشر, واتخاذ إجراءات سياسية لمواجهة الموقف.
بلغت الأزمة الاقتصادية ذروتها مرة أخرى في بداية السبعينات من هذا القرن حيث اختلطت الظواهر الاقتصادية القديمة, وتشابكت لتعطي أبعادا أكثر تعقيدا للأزمة الاقتصادية المتمثلة فيما أطلق عليه ظاهرة التضخم الركودي, وما صحبها من ارتفاع معدلات البطالة وازدياد قبضة الاحتكارات الدولية وظهور المجموعات الاقتصادية العملاقة والشركات متعددة الجنسية بحيث لم يقتصر الأمر على الحاجة إلى قرارات سياسية على مستوى الحكومات فقط, وإنما استدعى أيضا تدخل هيئة الأمم المتحدة للحد من الآثار الضارة لتلك التطورات.
لهذا, فإننا نلاحظ -وخاصة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية- أن الحكومات -وخاصة في النظم الرأسمالية- يزداد تدخلها شيئا فشيئا في النشاط الاقتصادي المتعاظم مما استدعى وضع سياسات جديدة في مجال إنتاج وتوزيع السلع والخدمات وأسعار صرف العملات ونظم الاستيراد والتصدير.
نام کتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية نویسنده : محمد محمود ربيع جلد : 1 صفحه : 170