نام کتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية نویسنده : محمد محمود ربيع جلد : 1 صفحه : 142
أما سارتر فيرى أن الحرية الإنسانية تتجلى في أن الاختيار لا يقترن برؤية, ولا يكون مسبوقا بتدبير عقلي أو تحديد لغاية أو معرفة ببواعث. هذه الحرية مقيدة بمواقف تتحكم فيها, ولكنه بمقدور الإنسان أن يتخلص منها وأن يزاول حريته, وبالتالي فهو رب أفعاله وصانع مصيره. بذلك يكون الوجوديون قد رفضوا إخضاع الفرد للحتمية الاجتماعية, أو الموضوعية العلمية.
ترتب على هذا الفهم المميز للحرية في الفلسفة الوجودية إسقاط جميع القيم, وتبرير تحرر الفرد من الزواجر التي يفرضها العرف الاجتماعي أو العقيدة الدينية أو توجيهات أية سلطة تقيد حرية الإنسان, وهو المفهوم الذي أصبح شائعا بين الناس كناية عن الوجودية والوجوديين.
يقارن سارتر على سبيل المثال بين حرية الاختيار الخلقي وحرية العمل الفني, ويوضح كيف أن الفنان لا يلام إذا أغفل في عمله الفني كل القواعد التي تواضع عليها سابقوه. كذلك الحال من الناحية الأخلاقية بالنسبة لمن يقوم باختيار فعل معين من بين أفعال ممكنة, دون الاستجابة إلى قيم معتمدة تعارف عليها الآخرون.
وتظل الأفكار المبكرة لكير كجارد ونيتشه ذات تأثير كبير على المذاهب الوجودية المعاصرة رغم ما اعتراها من تغييرات, إذ يمكن تتبع الخطوات العريضة فيها كلها مع بعض التنويعات على اللحن الأساسي للوجودية المبكرة. لهذا نلاحظ استمرار التأكيد على عدة نقاط, أهمها أولوية الذاتية وقيمتها بحيث لا تتسع لشيء سواها، تأكيد الوجود باعتباره قيمة أساسية وسابقا على ماهية الإنسان ومحددا لها، إنكار كل فلسفة تهدف إلى إقامة منطق مجرد غريب عن الحياة لا سبيل إلى التوفيق بينه وبين عالم مشبع باللامنطقية وباللامعقول، حتمية اليأس والقلق باعتبارهما شرطين دائمين للعظمة الإنسانية، عدم التماس الأمن الحقيقي للفكر والعمل في الدين مع وجود خلاف في الرأي بين الوجوديين حول هذا الموضوع.
نام کتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية نویسنده : محمد محمود ربيع جلد : 1 صفحه : 142