نام کتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية نویسنده : محمد محمود ربيع جلد : 1 صفحه : 124
تفرق الماركسية بين المفهوم الأخلاقي, والمفهوم الفلسفي لكل من المادية والمثالية. وسبب هذه التفرقة هي الرغبة في إزالة اللبس بين المفهومين من جهة, وأن تظهر من جهة أخرى أن الصراع بين المادية والمثالية ليس ظاهرة جديدة, وإنما هو قديم قدم الحضارات الإنسانية نفسها.
ولما كانت الماركسية هي إحدى الفلسفات المادية، فقد وجهت نقدا شديدا للمفكرين الذين خلطوا عن عمد بين المفهومين الأخلاقي والفلسفي لكلمة مادية حتى يتمكنوا من الدفاع عن مصالح اقتصادية, وسياسية معينة.
تتعرض المادية للتشهير منذ العصور القديمة من منطلق أخلاقي على أساس أنها تعني الانحلال والرغبة العارمة في الملذات والأفق الضيق الذي لا ينظر إلى أبعد من الحاجات الحسية. من أمثلة ذلك ما تعرضت له مدرسة أبيقور من تشهير في عصور لاحقة على يد الكنيسة[1] الكاثوليكية؛ لأنه كان ممثلا لأحد التيارات الفلسفية في العصر الهيلينستي والتي أجمعت على الاستخفاف بالنظر العقلي المجرد, والسعي إلى الربط بين الفكر والحياة العملية مع التحول عن التفكير في الوجود إلى البحث في سلوك الإنسان, والتطلع إلى تحقيق الطمأنينة والسعادة روحيا وحسيا.
لهذا لم يوافق الفكر الكنسي, ومن بعده الفكر المدرسي على تأكيد أبيقور على حق الإنسان في تحقيق السعادة عن طريق إشباع الحاجات الأساسية في الطبيعة البشرية, وأطلقوا على الماديين اسم "الشهوانيين من أتباع أبيقور".
ولا يزال هذا الأسلوب متبعا حتى اليوم, وإن كان قد اكتسب أبعادا أيديولوجية جديدة نتيجة للصراع بين الماركسية والليبرالية. مثال ذلك أنه بعد أن قام المارشال الفرنسي السابق بيتان بتسليم وطنه للنازي في أوائل الحرب العالمية الثانية برّر خيانته بأنه فعل ذلك لمنع انتصار البروليتاريا "الطبقة العاملة" الذي يعني انتصارا "لروح المتعة" على "روح التضحية". [1] انظر أعلاه ص18.
نام کتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية نویسنده : محمد محمود ربيع جلد : 1 صفحه : 124