نام کتاب : الغذاء والتغذية نویسنده : عبد الرحمن مصيقر جلد : 1 صفحه : 290
4- التلوث ببقايا مبيدات الهوام:
بدأ تنافس الإنسان والهواء "الآفات" على الغذاء منذ ظهور البشرية على وجه الأرض، إلا أنه كان تنافسا محدودا نظرا لاتساع الأرض ووفرة الغذاء. فكان الإنسان يزرع ويستهلك غذاءه بنفسه، وكان يعتمد على المقاومة اليدوية في تخليص غذائه من الإصابات المحدودة للآفات. ولكن بتقدم الزمن وزيادة عدد السكان وكثافتهم وبالتالي زيادة المحاصيل الغذائية، بدأ الإنسان يشعر بالمنافسة الحقيقية له في غذائه من قبل الهوام، ومنذ ذلك الحين والإنسان في صراع متزايد مع هذه الهوام، هدفه القضاء عليها أو الحد من أضرارها وانتشارها لصون غذائه منها، فاستنبط الوسائل المختلفة لمكافحة الهوام وتفنن في تطويرها. إلا أن التاريخ قد أثبت تزايد التالف من المحاصيل الزراعية والغذائية عاما بعد عام بفعل الهوام، رغم تطوير وسائل المكافحة. ويقدر التالف الحالي في الغذاء في بعض دول الشرق الأدنى بسبب الإصابات بالهوام المختلفة بأكثر من 24 % رغم اتباع مختلف الطرق المتجددة لمقاومتها.
وقد بدأ الصراع المتزايد بين الإنسان والهوام فيما يتعلق بالغذاء منذ بداية الثورة الصناعية، وبالتالي نمو التجارة المحلية والدولية في الأغذية، إذ أدى تمركز إنتاج محاصيل الغذاء إلى خلق مخاطر كامنة بسبب الانتشار السريع لأمراض وهوام المحاصيل، مما أدى إلى استنباط طرق أكثر فاعلية للسيطرة الشاملة السريعة على هذه الأمراض والهوام، وهي استعمال المبيدات الكيميائية التي أصبحت الآن وسائل ضرورية لإنقاذ المحاصيل الزراعية الغذائية منها، وتقليل التالف أثناء التخزين أو النقل أو التسويق. وكانت الصين من أوائل الدول التي استخدمت المبيدات الكيميائية في مقاومة الهوام، وذلك في بداية القرن التاسع عشر. وكان كبريتيت الزرنيخ هو أول المبيدات المستخدمة في مكافحة الهوام حتى القرن العشرين ونشطت بعد ذلك الأبحاث المؤدية إلى استنباط مركبات أخرى غير عضوية لمقاومة الإصابات الفطرية والحشرية. وكانت أهم المجموعات الفعالة الأنتيمون والبورون والنحاس والفلورين والمنغنيز والزئبق والكبريت والزنك، وقد تبين ضعف هذه المركبات في الحد من تكاثر ونمو الحشرات بما يتناسب مع التوسع الزراعي الضخم في إنتاج محاصيل الغذاء، كما عرف عنها أنها تلوث التربة لمدة طويلة.
وقد نشطت الأبحاث بعد ذلك لاستنباط مركبات عضوية فعالة، وكان ظهور
نام کتاب : الغذاء والتغذية نویسنده : عبد الرحمن مصيقر جلد : 1 صفحه : 290