[1] - أن الغلو منفر، لا تحتمله طبيعة البشر العادية ولا تصبر عليه.
2 - أنه قصير العمر. . . فالإنسان - إلا مَنْ وفقه الله - ملول فيسأم ويدع العمل حتى القليل منه، أو يأخذ طريقا آخر على عكس الطريق الذي كان عليه، أي ينتقل من الإفراط إلى التفريط ومن التشدد إلى التسيب.
3 - أن الغلو في الدين لا يخلو من جَوْر على حقوق أخرى يجب أن تُرَاعى وواجبات أن تؤدى. . . قال - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن عمرو حين بلغه انهماكه في العبادة انهماكا أنساه حق أهله عليه: «ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل؟ قال عبد الله: قلت بلى يا رسول الله. . . قال - صلى الله عليه وسلم - لا تفعل صم وأفطر وقم ونم. . . فإن لجسدك عليك حقا وإن لعينك عليك حقا، وإن لزوجك عليك حقا، وإن لزورك عليك حقا» [1] . يعني فأعط كل ذي حق حقه ولا تغلُ في ناحية على حساب أخرى، وما أصدق ما قال بعض الحكماء: ما رأيت إسرافا إلا وجانبه حق مضيع.
وكما نهى الله جلّ وعلا عن الغلو والتطرف والإفراط نهى كذلك عن التفريط في الدين، والذي يعني في أبسط معانيه وصوره التضييع والتقصير والتهاون والترك، والتفريط في الدين يكون بسبب عدم الاهتمام بالمحافظة على حدود الله وعدم الرغبة بالتزامها، نتيجة ضعف الإيمان أو انعدامه، وعلى هذا فالتفريط في الدين إنْ لم يكن من مستوى الكفر والجحود فهو اتباع للهوى وإيثار للشهوات وحب للعاجلة، وترك الأخرى، وقد يصل ذلك إلى مستوى الرغبة في الفجور وهو الانطلاق الوقح في المعاصي والآثام دون ضابط. [1] رواه البخاري.