ولله در القائل: ضاع هذا الدين (أي الإسلام) بين الغالي فيه والجافي عنه، هذه المقولة تفصح عن خطورة الابتعاد عن الوسطية التي هي أبرز سمات الأمة الإسلامية، الإسلام وسط فلا إفراط ولا تفريط، وسط فلا طغيان ولا نقصان، وسط فلا تشدد ولا ترخص، وسط بين رعاية حقوق الفرد على حساب الجماعة، أو العناية بمصالح الجماعة على حساب الفرد، فالوسطية تعنب العدل، فلا يظلم جانب على حساب جانب آخر، والوسطية تعني التوازن فلا يختل أمر على حساب آخر [1] ويريد الله - سبحانه وتعالى - للمسلمين أن يحملوا للعالم رسالة الحب والخير والعدل لتحقيق وسطية هذه الأمة، وكذلك يريد منهم أن يزيلوا الظلم والطغيان، فلم يحمل المسلمون السيف في وجه الجاهلية إلا لأنها طغت وتجبرت ووقفت في وجه الدعوة الإسلامية، ولم يشن المسلمون حربهم ضد الفرس والرومان والغدر اليهودي إلا بتجنيهم على القيم الإنسانية العالية التي يعتز بها بنو البشر [2] .
فالإسلام دين وسط واسع الأفق قابل لكل تجديد في سبيل الرقي والتقدم والبناء ويرفض الجمود والتعصب والعنف والهدم. [1] مقومات الداعية الناجح، د علي بن عمر بن أحمد بادحدح، ص 226، الطبعة الرابعة 1422هـ / 2002م. دار الأندلس الخضراء - جدة. [2] الإسلامية والقوى المضادة، د نجيب الكيلانى، ص 87- 88، الطبعة الأولى 1400هـ / 1980م، مؤسسة الرسالة - بيروت.