responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية نویسنده : المسيري، عبد الوهاب    جلد : 1  صفحه : 489
ويتسع نطاق العلمانية ويصل إلى درجة كاسحة حين يؤكد لنا العظمة أن العلمانية تتبدَّى في تاريخ الإنسانية بأسره فهي ذات "وجهة تاريخية، على نحو مقرر، لا انفكاك عنه أو على جميع الصعد". وهذه لغة هيجلية، لغة نهاية التاريخ التي لا تُبقي ولا تذر، تُذكِّر الدارس بفلسفات القرن التاسع عشر التي كانت تحاول تفسير كل الظواهر بردها إلى عنصر واضح حاسم، وتُدخِله كله منظومة عضوية واحدة لا تتخللها أية ثغرات أو أي شكل من أشكال عدم الانقطاع. وبالفعل نكتشف أن العلمانية في كتابات الدكتور عظمة هي "العالمية" (أو "الزمانية العالمية" في رواية أخرى) وأن مسيرة التاريخ الكوني آيلة إلى العلمانية وهو أمر "تمليه القيم العالمية". وإن تساءلت عن مضمون هذه القيم، جاءتك الإجابة أن "الكونية الفكرية مؤسسة على مركب علماني من النفعية والعلموية والتطورية". (هل التطورية هذه محاولة لبقة من جانبه لتحاشي وجه الداروينية القبيح؟) . مهما كان الأمر فإن الفلسفات الثلاث التي ذكرها فلسفات ذات مرجعية زمنية مادية لا تُهمِّش الدين وحسب وإنما تُهمِّش القيم الأخلاقية والغائيات الإنسانية وفكرة الكل وأي شكل من أشكال الثبات وأي شكل من أشكال الخصوصية، فهي "كونية" و"عالمية" و"حتمية".
ومشكلة المشاكل بالنسبة لنا (نحن المتمسكين بالقيمة وبالخصوصية والغائيات الإنسانية) أننا لا نعرف الحتميات التاريخية اليقينية التي بيَّنها الدكتور العظمة. فإذا كانت مسيرة التاريخ الكوني آيلة إلى العلمانية بمعناها الشامل (كنفعية وعلموية وتطورية) ، فمسيرة التاريخ الثقافي العربي محكومة بهذا المسار. ولذا بدلاً من أن نسبح مع التيار وبدلاً من أن نلقي بأنفسنا (في سعادة غامرة، محايدة وموضوعية) في السيل الدفاق للعالمية والكونية (ونزع الخصوصية) وبدلاً من أن نتصالح مع الحتمية التاريخية لهذه السيولة، تجدنا نشعر بعُقَد النقص تجاهها.

نام کتاب : موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية نویسنده : المسيري، عبد الوهاب    جلد : 1  صفحه : 489
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست