responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 76
الخلاصة:
حين يستعرض الإنسان هذا التاريخ الحافل بالمخازي والخطايا والأخطاء.. من طغيان روحي وفكري ومالي وسياسي وعلمي، وفساد خلقي، وانحراف فكري وسلوكي، ومساندة للظلم في جميع ألوانه، وتخذيل للمصلحين وتخدير للمظلومين، وصد عن سبيل الله، وتشويه لصورة الدين.. هل نعجب من النهاية التي وصلت الأمور إليها من انسلاخ الناس في أوروبا من ذلك الدين ونفورهم منه، وثورتهم على رجاله وإبعادهم له عن كل مجالات الحياة؟
إن الفطرة البشرية لتثور على الظلم وتمجه ولو احتملته عدة قرون!
وهذا البطء في قيام رد الفعل هو الذي يغري الطغاة بالاستمرار في طغيانهم، ظانين أن الأمور ستظل في أيديهم أبدًا، وأنها غير قابلة للتغيير.
ولكن عبرة التاريخ قائمة لمن يريد أن يعتبر.. وما يعتبر إلا أولو الألباب. أما الطغاة مطموسو البصيرة فأنى لهم أن يعتبروا؟!
{قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ} [1].
{وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ، وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} [2].
وهذا البطء في قيام رد الفعل هو الذي أغرى كذلك بعض "العلماء" أن يقولوا إنه لا توجد فطرة للإنسان! وإن الإنسان ليس له قالب محدد. وإنما هو يصب في أي قالب يراد له فيتشكل بشكله، ويظل قابعًا فيه حتى يصب في قالب جديد[3].

[1] سورة يونس: 101.
[2] سورة إبراهيم: 45، 46.
[3] سنناقش هذا الزعم فيما بعد، عند الحديث عن التفسير المادي للتاريخ.
بأنه ساحر وأنه كذاب، وأنه همجي وشهواني وسفاك دماء ... إلخ مما لا تزال أوروبا تلوكه بغير وعي إلى هذه اللحظة!
والخطيئة الثالثة: أنها لم تكتف بذلك كله بل وقفت موقفًا صريحًا إلى جانب الطواغيت -وهي ممثلة الدين السماوي، دين الرحمة والرأفة- وهددت الثائرين على الظلم باللعنة الأبدية وغضب الرب واتهمتهم بالمروق من الدين!
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 76
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست