responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 65
{اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [1].
فإذا كان هذا شأن الرسل -بل شأن سيد الرسل صلى الله عليه وسلم- فما بالك بالبابا الذي لا حظوة له عند ربه ولا إذن له من الله بقبول الغفران؟!
بل ما بالك حين يكون الأمر لا عن نية حقيقية في التوبة يعلمها البابا -تقدس سره! - بل من مبلغ من المال؟! بل ما بالك والمال -في أكثر الأحيان- ليس مدفوعًا لله على سبيل الصدقة للفقراء والمساكين، مما يقبله الله من المؤمنين ويحط به من خطاياهم، وإنما هو لشراء الصك كما تشتري أي سلعة معروضة في الأسواق، والمال يذهب إلى خزائن البابوات والكرادلة حتى يكتنزوا بالذهب والفضة التي يكنزونها، ولا يذهب إلى مستحقيه من الفقراء والمساكين؟!
ولا نشك في أن المهزلة في بادئ الأمر كانت جادة! أي: إن الذي يشتري الصك كان راغبًا في التوبة، ظانا أن هذا السبيل يؤدي بالفعل إلى التوبة والمغفرة ورضوان الله، وكان المال المدفوع يأخذ في حس صاحبه مكان الصدقة المرفوعة إلى الله. كما أن الكنيسة استخدمت صكوك الغفران لتشجيع المقاتلين على خوض المعارك الصليبية ضد المسلمين فكانت تمنح الصك لمن ينخرط في سلك الجيوش الصليبية فتحمله الرغبة في الفردوس الموعود أن يلقي بنفسه في أتون الحرب التي يرجع منها أو لا يرجع.. وهو غالبًا لا يرجع!
ولكن الجد في هذا الأمر الهازل لا يمكن أن يستمر!
ولئن استمر البسطاء مخدوعين في قداسة البابا وقدرته على محو الذنوب من صحيفة الأعمال بما له عند الله من الوساطة والحظوة و"القداسة".. فقد انكشف الأمر عند العقلاء ولا شك عن أن قداسة البابا قد أصبح تاجرًا كبيرًا، وأنه على نسق معظم التجار الكبار مدلس غشاش!! يبيع بضاعة لا يملكها ويقبض الثمن لنفسه ليثرى الثراء الفاحش، ثم ينفق هذا الكسب الحرام في المتاع الدنس ويغرق به في الشهوات!
ومع أنها مهزلة مضحكة -ومكشوفة- فقد ظلت قائمة في المجتمع

[1] سورة التوبة: 80.
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 65
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست