responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 62
إيجابيته الفاعلة في واقع الأرض ويتخلى عن دوره في عمارتها، ويلغي طاقات كيانه فلا يتزوج ولا يعمر وجه الأرض بالنسل ولا ينتج.. إلا مشاعر ذاتية في طي الكتمان.
لذلك نقول إن الرهبانية مضادة لدفعة الحياة السوية كما خلقها الله.
وإذا كان الله قد قبلها منهم -لفترة معينة- هي المحدودة بمجيء الرسول -صلى الله عليه وسلم- مصدقًا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنًا عليه، وناسخًا ما شاء الله أن ينسخ من الشرائع -المحلية- السابقة، لينشر في الناس كلمة الله الأخيرة وشريعته الباقية..
إذا كان الله قد قبلها منهم لتلك الفترة المحدودة فإنهم وهم مبتدعوها والمتطوعون بها من عند أنفسهم لم يرعوها حق رعايتها!
{وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} [1].
ولقد كان المتوقع ألا يرعوها حق رعايتها.. أي: لا يصبروا على تكاليفها. فهي سباحة دائمة ضد التيار.. تيار الحياة.. وجهد مجهد لا يصبر عليه كثيرون..
أما أن تنقلب -وهي المنوطة بالتقوى والزهد والتعفف والارتفاع عن الشهوات- إلى مباءة للقذارة الحسية والمعنوية يتعفف عنها الرجل العادي أو الفتاة العادية.. فهذا الذي لا يمكن أن يتوقع على الإطلاق!
فإذا كانوا لا يصبرون على تكاليفها فما الذي يجبرهم على المضي فيها وهي تطوع غير مفروض؟!
أما أن يستمروا فيها عنوانًا ولافتة، ومظهرًا خادعًا من الخارج، ثم يحولوها إلى حانات للخمر ومواخير للفساد، ومباءة للشذوذ الجنسي بين الرجال والرجال والنساء والنساء، بالإضافة إلى ما يحدث من العلاقات السرية بين أديرة الرجال وأديرة النساء.. فهذا أمر يشده الحس ويبعث على التقزز والنفور.
يقول أصدق القائلين جل وعلا:
{وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَاحَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [1]، فاسقون. بكل معاني الفسق التي تخطر والتي لا تخطر على البال!

[1] سورة الحديد: 27.
2 سورة الحديد: 27.
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 62
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست