responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 6
ولن نتعرض في هذا الكتاب لأسباب غياب هذا البديل. ولا للنتائج الخطيرة التي نتجت عن غيابه بالنسبة للمسلمين وبالنسبة للعالم كله[1]. إنما أردنا في هذا الكتاب أن نتعرض لهذه الأفكار والمذاهب ذاتها، فنعرضها عرضا موضوعيا نبين فيه ما تحتوي عليه من حقائق وما تحتوي عليه من أباطيل، ونبين فيه أهم من ذلك الظروف التي أدت إلى نشأتها وتشكلها على هذه الصورة، فإن كثيرا من الناس الذين يأخذونها على أنها أمر واقع، لا يسألون أنفسهم كيف نشأت، وما الظروف التي جعلتها تأخذ هذه الصورة، كأنهم يعتقدون -من ثقلة الأمر الواقع على حسهم- أنها ذات وجود طبيعي، وأن الصورة التي هي عليها هي الصورة الطبيعية لهذا المذهب أو ذاك، ولا يضعون في حسابهم أن ظروفا محلية بحتة في أوروبا هي التي جعلت الفكر الأوروبي يتجه هذه المتجهات، ويسلك هذه المسالك، وأنه لو كانت هناك ظروف مختلفة، لاعتنقت أوروبا أفكارا أخرى ومذاهب من نوع آخر.
بعبارة أخرى إن هذه الأفكار والمذاهب هي انعكاس لظروف محلية بحتة في أوروبا، وليست كما هي في حس الأوروبيين ومن يدور في فلكهم من الشعوب المغلوبة "قيما" قائمة بذاتها، ولا أفكارا "إنسانية" تنبع نبعا ذاتيا من كيان "الإنسان" بوصفه إنسانا. ولم يكن من الحتم أن تعتنقها أوروبا ذاتها -لو أتيحت لها ظروف أفضل- وليس من الحتم أن يعتنقها أحد في خارج أوروبا ما دامت ظروفه غير ظروف القوم هناك.
وهذا الكتاب لم يكتب للمسلمين وحدهم، وإن كان المسلمون يستطيعون أن يفيدوا منه مزيدا من المعرفة بدينهم، على قول الفاروق عمر رضي الله عنه: "لا يعرف الإسلام من لم يعرف الجاهلية! " فمعرفة المسلمين بانحرافات الجاهلية المعاصرة تزيدهم معرفة بكمال الدين المنزل من عند الله.
ولكني كتبته لكل من يرغب أن يعرف شيئا عن هذه المذاهب المنتشرة في الأرض اليوم، وأسباب نشأتها وتشكلها على هذه الصورة ولم أقصد به أن يكون دراسة متخصصة، ولكني حاولت أن أضع فيه القدر المناسب من المعلومات، الذي يلقي ضوءا معقولا على هذه المذاهب والأفكار.

[1] في النية إصدار كتاب في هذا الموضوع بعنوان "واقعنا المعاصر".
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 6
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست