responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 44
يمكن أن يسمى "الكنيسة" ولا شيئًا يمكن أن يسمى "رجال الدين" إنما هم علماء الدين وفقهاؤه. إنما نقصد أننا لا ننكر على الذين يقع على عاتقهم مراقبة إقامة الدين في الأرض أن يكون لهم على ذوي السلطان سلطة النصيحة والتوجيه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ولكن ... لأي شيء تكون هذه السلطة وعلى أي شيء تدور؟!
إنها -في دين الله المنزل- تكون لتنفيذ شريعة الله ومراقبة الأمور كلها لكي تكون خاضعة لشريعة الله.
فهل من أجل هذا طابت الكنيسة بأن يكون لها على الأباطرة والملوك سلطان؟! بل ذلك أبعد شيء عن الحقيقة.
إن الكنيسة -وهي تطالب بسلطانها الطاغي على الأباطرة والملوك- أو حين مارست هذا السلطان بالفعل لم تطالبهم قط بالانصياع إلى شريعة الله وتطبيق أحكامها على الناس "فيما عدا قانون الأحوال الشخصية الذي لم يجد معارضة من الحكام من قبل! " إنما كانت تطلب -وتمارس- سلطانًا شخصيا بحتًا، وأرضيا بحتًا، هو أن يطأطئ الملوك والأباطرة لها الرءوس وأن يعلنوا أنهم خاضعون لسلطانها!
إن الكنيسة -بذلك- قد أجرمت في حق دين الله جريمتين مزدوجتين: الأولى أنها عزفت عن تطبيق شريعة الله، واجبها الأول، والمبرر الأكبر لوجودها إن كان لوجودها مبرر على الإطلاق، بينما كانت تملك سلطة تطبيق هذه الشريعة بما كان لها على قلوب الجماهير من سلطان من جهة، وبما صار لها من سلطان على الملوك والأباطرة فيما بعد ...
والثانية أنها استخدمت سلطانها الذي حاربت من أجل الحصول عليه وأراقت الدماء في إخضاع الناس جميعًا، ملوكهم ورعاعهم، لهواها هي، وجبروتها هي، فجعلت من رجالها أربابًا من دون الله، وعبدت الناس لهم من دون الله حتى حق عليهم قول الله فيهم: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [1].
إنها جريمة بشعة -أو جرائم بشعة متراكب بعضها على بعض, من أي زاوية نظرت إليها.

[1] سورة التوبة: 31.
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 44
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست