responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 391
التفسير الإسلامي للتاريخ:
ليس هنا في الحقيقة مجال الحديث المفصل عن التفسير الإسلامي للتاريخ فذلك موضوع يحتاج إلى بحث مستقل تبسط فيه الفكرة، وتؤخذ لها النماذج من التاريخ البشري في شتى عهوده وشتى أحوال البشر فيه.
ولكنه يحسن بنا ونحن بصدد الحديث عن التفسير الجاهلي للتاريخ عرضا ومناقشة أن نلم على الأقل بالخطوط العريضة للتفسير الإسلامي؛ لأنه يكاد يكون الوجه المقابل لذلك التفسير في كثير من الأسس التي يقوم عليها.
وأحسب أننا ألمحنا إلى بعض هذه الخطوط في أثناء مناقشة التفسير المادي، فالآن نحاول تجميع هذه الخطوط في عرض سريع، وحسبنا في هذا المقام أن نشير إلى الأسس العامة دون تفصيل.
من البديهيات أن التفسير الإسلامي للتاريخ يتعامل مع الإنسان ابتداء على أنه إنسان، لا مادة ولا حيوان، وأن التاريخ هو تاريخ الإنسان. أي: إن العنصر الفعال فيه هو الإنسان ... الإنسان بمجموعه لا جانب واحد منه، فقد كتب الإنسان هذا التاريخ بكل جوانبه مجتمعة -سواء في حالات الهدى أو حالات الضلال، كتبه بروحه وجسمه وعقله, كتبه باقتصادياته واجتماعياته

للتغير المادي والاقتصادي ومنبثقة عنه ... فوجود الإسلام في الأرض بالصورة التي تم بها يعلمنا غير ذلك تماما..
يعلمنا أن العقيدة: إيمان الناس بالله، وإيمانهم بالحق والعدل الأزليين، يمكن أن يحدث تغييرا في الأرض أضخم بكثير من أي تغيير حديث نتيجة التغير المادي أو الاقتصادي.
ويعلمنا أكثر من ذلك أن نوع التغيير الذي تحدثه العقيدة يختلف اختلافا جذريا عن التغير الذي يحدث -لأسباب مادية واقتصادية- بلا عقيدة ... الإسلام نشأة جديدة للإنسان، على أسس من القيم العليا والمبادئ الرفيعة، بينما التغيرات الأخرى مجرد تغير جزئي من حالة إلى حالة، لا يغير شيئا جذريا في الإنسان، وقد يؤدي به إلى الانتكاس والدمار.
ويعلمنا قبل ذلك وبعد ذلك أن الإنسان ليس مادة..ولكنه "إنسان"! وأن النظام الذي يتعامل معه على أنه إنسان أفضل بكثير وأعلى بكثير، وأكثر فاعلية بكثير من النظام الذي يتعامل معه على أنه مادة، أو على أنه حيوان!

نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 391
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست