responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 34
ويذكرني هذا بحق الاعتراض "الفيتو" الذي تمارسه الدول "الكبرى" في الجاهلية المعاصرة! فما إن تشعر إحدى تلك الدول أن نقاشا ما سيحرجها أو يكشف زيف موقفها وبعده عن الحق، حتى تبادر بإسكان الألسنة باستخدام "الفيتو" فيسكت المناقشون صاغرين!
ولئن كان هذا طغيانا تمارسه القوى الطغيانية التي تسمي نفسها الدول العظمى في الجاهلية المعاصرة فقد كان طغيان الكنيسة في جاهلية القرون الوسطى -المظلمة في أوروبا[1]- أنكى وأشد، فقد كانت تمارسه في أمر يمس العقيدة وهي ضرورة بشرية لا غنى عنها للبشر الذين خلقوا -بفطرتهم- عابدين، والذين تظل فطرتهم -بما أودع الله فيها- تبحث عن الله لتتجه إليه بالعبادة وتقدسه في علاه.
وحين كان أي عقل مفكر يتجرأ فيسأل -مجرد سؤال- عن ماهية هذه الأسرار، ولو كان سؤاله من أجل الإيمان أو الاطمئنان الذي يزيد الإيمان، كانت الكنيسة تسارع إلى زجره عن هذا الإثم الذي يهم به والذي يوقعه لا شك في المهالك! وتقول له إن هذا أمر خارج عن نطاق العقل. إنما يسلم المؤمن به تسليما بغير نقاش!
وهنا وقفة ربما كانت ضرورية في هذا الشأن.
فقد يخطر على البال قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [2] وقول الرسول -صلى الله عليه وسلم: "تفكروا في خلق الله ولا تفكروا في الله" [3].
وقد تعرض هذه القضية من أساسها: هل الدين من شأن العقل أم من شأن الوجدان؟ وما دور العقل فيه إن كان له دور على الإطلاق؟ وهل عليه -من أجل الإيمان- أن يسلم تسليما أعمى بكل ما يأتيه عن طريق "الدين" أم له أن يناقش ويطلب الدليل؟

[1] كانت القرون الوسطى مظلمة بالنسبة لأوروبا فهم صادقون في تسميتها كذلك بالنسبة إليهم ولكن كتابا "مسلمين! " يستخدمونها على أنها صفة شاملة للعالم كله في تلك القرون وقد حوت تلك الفترة أشد القرون نورا.. تلك التي استضاءت بالإسلام!
[2] سورة آل عمران: 7.
[3] عن ابن عباس رضي الله عنهما رواه أبو نعيم "انظر صحيح الجامع الصغير"، الشيخ ناصر الدين الألباني 3/ 49.
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 34
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست