responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 306
أولا: التفسير المادي للخالق
المادة أزلية أبدية: "لم يكن هناك وقت لم تكن المادة فيه موجودة. ولا يجيء وقت لا تكون فيه موجودة".
والمادة هي الخالق. هي التي خلقت الحياة والإنسان: "الإنسان نتاج المادة".
أي شيء من صفات الله لم يلحق بالمادة؟ إلا القصد والتدبير والحكمة وإلههم الذي يدعونه لا حكمة له ولا قصد ولا تدبير!
لا شك أن ماركس وإنجلز وأضرابهما لم يكونوا أول الملحدين في أوروبا، فقد كانت موجة الإلحاد قد تفشت من قبل بين العلماء والمفكرين من جراء مفاسد الكنيسة وعبثها بدين الله.
ومن قبل قال دارون: إن الطبيعة تخلق كل شيء ولا حد لقدرتها على الخلق. وقال: إن الطبيعة تخبط خبط عشواء!
ومذهب عبادة الطبيعة -لا يزيد كما أشرنا من قبل- على أن يكون مهربا وجدانيا من إله الكنيسة الذي تستعبد الناس باسمه وتستذلهم وتبتز أموالهم وتحجر على عقولهم وأفكارهم، إلى إله آخر له معظم خصائص الإله الأول، ولكن ليست له كنيسة ولا التزامات. وعباده أحرار فيما يصنعون بأنفسهم لا سلطان لأحد عليهم، إلا الهوى والشهوات!
ولكن "الطبيعة" على أي حال كانت تمثل في وجدان عبادها شيئا حيا، مبهما غير محدد السمات، يرون "مظاهره" في الجبال والأنهار والأشجار والأزهار والمطر والرياح والبرق والرعد والإنسان والحيوان.. أما القدرة على الخلق وإعطاء كل شيء صورته التي هو عليها، وتنسيق وظائف كل كائن بما يلائم ظروفه..إلى آخر تلك الصفات التي هي في حقيقتها صفات الخالق {الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [1] فقد كانت تضفي على الطبيعة بصورة أقرب إلى خيال الفن منها إلى واقعية الفكر فضلا عن واقعية العلم.. صورة سحرية مبهمة غامضة لا تستطيع أن تمسك بها أو تحددها، وكلما حاولت تحديدها أفلتت منك؛ لأنها بطبيعة الحال وهم لا حقيقة له، وعبادها أنفسهم لم يخرجوها من دائرة الوهم إلى نور الفكر المحدد للسمات والصفات.
ورغم أن الكلمة جرت على ألسنة العلماء كأنها حقيقة فلا شك أنها كانت عندهم -كما كانت عند غيرهم- مهربا وجدانيا أكثر مما هي عقيدة حقيقية.
كانت وثنا يلجئون إليه؛ يلقون إليه بحيرتهم ودهشتم كلما فاجأهم سر من أسرار الكون العجيبة التي تشهد أن لا إله إلا الله ... فيهربون عنده من الإقرار

[1] سورة طه: 50.
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 306
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست