responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 26
[1]- رجال الدين:
لكل دين -سماوي أو غير سماوي- رجال يقومون بتلقين الدين للناس، وتعليمهم إياه، ويكونون -في نظر الناس على الأقل- ألصق بأمور الدين وأعرف بها من سواد الناس الذين يكتفون -عادة- بممارسة ما يتلقونه من أولئك المعلمين دون تعمق فيه. وإذا كان هذا شأن كل دين -سماوي أو غير سماوي- فإن الدين المنزل من عند الله يفترق في هذا الشأن عن الأديان المصنوعة على يد البشر في خصلتين اثنتين على أقل تقدير.
الأولى: أن يكون الذين يعلمون الدين للناس أقرب في سلوكهم إلى حقيقة هذا الدين ومقتضياته, أي: أكثر وعيا وأكثر إخلاصا وأقرب إلى الله، كما كان المهاجرون والأنصار بالنسبة للجيل الأول من المسلمين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
والثانية: أن يكونوا متفقهين في أمر الدين ليجيبوا الناس على أسئلتهم التي تخطر لهم بشأنه، سواء في الجانب التعبدي المتصل بالعقيدة والشعائر، أو الجانب العملي المتصل بالشريعة.
{وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [1].
وأمر طبيعي أن يكون مثل هؤلاء الرجال موضع التقدير والاحترام من بقية الناس، ولكنهم -بحكم طبيعة الدين المنزل من عند الله- لا يكونون موضع التقديس. أولا: لأنهم يعلمون الدين الحق، والدين الحق يجعل التقديس لله وحده وليس لأحد من البشر، وثانيا: لأنهم يعلمون الدين بجانبيه: ما يتعلق منه بالعقيدة والشعائر وما يتعلق بتنظيم أمور الحياة الدنيا بمقتضى الشرع الرباني فيخاطبون في الناس جانبهم الروحي وجانبهم العقلي والعملي التطبيقي، فيظل ارتباط الناس بهم ارتباطا واعيا لا سحر فيه ولا غموض ولا أسرار. ومن ثم لا يصبحون -في حس الناس- وسطاء بينهم وبين الله، وإنما وسطاء بينهم وبين المعرفة الصحيحة بأمور الدين. وفرق بين الوساطتين كبير!
ومن ثم فلا يوجد في الدين المنزل من يطلق عليهم "رجال الدين" إنما يوجد رجال صالحون من جهة، وعلماء وفقهاء في الدين من جهة أخرى. وليس لهؤلاء ولا هؤلاء على الناس سلطان إلا سلطان المحبة والتقدير، ومكان القدوة الصالحة في النفوس.
وحقيقة أن موسى عليه السلام -بوحي من ربه- قد ناط بكل سبط من أسباط

[1] سورة التوبة: 122.
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 26
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست