responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مدرسة الدعوة نویسنده : محمد السيد الوكيل    جلد : 1  صفحه : 227
المعاندين والجاحدين، وإخضاع الطغاة وَالْمُتَجَبِّرِينَ - إِلَّا أَن الْفِقْه والإقناع نتائجهما أعظم وفوائدهما أَكثر.
ولكي ندرك تِلْكَ الْحَقِيقَة سنسوق هُنَا نماذج من حَيَاة الدعاة فِي العصور الْمُخْتَلفَة؛ لنرى كَيفَ كَانَت الْحجَّة والبرهان وَالْفِقْه والإقناع هِيَ الْوَسَائِل الَّتِي كَانَ يستعملها الدعاة، حَتَّى إِذا مَا استعصى الْأَمر ونفد الصَّبْر لم يكن بعد ذَلِك إِلَّا السَّيْف
وَالنَّاس إِن ظلمُوا الْبُرْهَان واعتسفوا ... فالحرب أجدى على الدُّنْيَا من السّلم
1- فِي عصر مُوسَى: أرسل الله - عز وَجل - مُوسَى إِلَى فِرْعَوْن، وَأمره أَن يطْلب من فِرْعَوْن أَن يتْرك بني إِسْرَائِيل ليذهبوا مَعَه، ويحررهم من عبوديتهم لَهُ، وَلَكِن فِرْعَوْن لج فِي العناد، وهدد مُوسَى بالسجن وَالْعِقَاب {قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهاً غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ} [2].
وَإِن المتدبر لتِلْك الْآيَة الْكَرِيمَة ليلمح فِيهَا تهديدا رهيبا، كَمَا يلمس من التَّعْبِير {لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ} أَن سجون فِرْعَوْن كَانَت مَمْلُوءَة بالمظلومين من أَمْثَال مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَام - حَيْثُ يُفِيد التَّعْبِير أَن مُوسَى سَيكون وَاحِدًا من المسجونين الكثيرين، وَلنْ يضير فِرْعَوْن أَن يُضَاف سِجِّين جَدِيد إِلَى الْأَعْدَاد الهائلة الَّتِي تغص بهَا سجونه.
ومُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَام – لَا يعبأ كثيرا بِهَذَا التهديد المخيف، مَعَ أَنه لَا يخفى عَلَيْهِ مَا يكون عَادَة فِي سجون الظَّالِمين من النكال والتعذيب، وبخاصة وَقد سبقه يُوسُف - عَلَيْهِ السَّلَام – فسجن فِي أحد سجون الفراعنة ظلما بعد مَا تبينت بَرَاءَته، ولبث فِي السجْن بضع سِنِين، وَلكنه خرج مِنْهُ موفور الْكَرَامَة، مَحْمُود السِّيرَة، مَرْفُوع الرَّأْس، حَيْثُ نَصبه فِرْعَوْن الَّذِي سجنه وزيرا على خَزَائِن الأَرْض، فَمَاذَا يضير مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَام - لَو أَدخل سجن فِرْعَوْن؟ وَهل نَالَ السجْن من عَزِيمَة يُوسُف شَيْئا حَتَّى ينَال من عَزِيمَة مُوسَى؟ وماذا لَو سجن وَاتخذ من السجْن ميدانا لنشر الدعْوَة؟ ألم يفعل ذَلِك يُوسُف من قبل حِين قَالَ {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [1].
لم يلْتَفت مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَام - إِلَى هَذَا التهديد الأجوف، وتذرع بالحلم، وَقَالَ لفرعون فِي هدوء: أتسجنني وَلَو جئْتُك بِآيَة بَيِّنَة تثبت لَك صدق دعواي؟ {قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ} 2؟

[2] الشُّعَرَاء الْآيَة29.
[1] سُورَة يُوسُف الْآيَة39.
[2] الشُّعَرَاء الْآيَة30
نام کتاب : مدرسة الدعوة نویسنده : محمد السيد الوكيل    جلد : 1  صفحه : 227
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست