responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مدرسة الدعوة نویسنده : محمد السيد الوكيل    جلد : 1  صفحه : 217
بَصرك وَتحفظ فرجك، أما الزواج الأول فدنيوي صرف، وَأما الثَّانِي فديني صرف، وَكِلَاهُمَا زواج سَتَكُون فِيهِ رب أسرة، وَأَبا للبنين وَالْبَنَات.
وَهَكَذَا كل الْأَعْمَال تَسْتَطِيع أَن تحولها إِلَى أَعمال دينية مهما كَانَت درجتها الدُّنْيَوِيَّة، وَيكون لَك عَلَيْهَا من الْأجر وَالثَّوَاب مثل بَقِيَّة الْأَعْمَال العبادية أَو الدِّينِيَّة الصرفة.
وَبِذَلِك تكون مدرسة الدعْوَة الإسلامية قد مزجت مزجا تَاما بَين أَعمال الدُّنْيَا وَالدّين، ونهجت فِي سَبِيل تَوْحِيد الْأَعْمَال نهجا قويما عبر عَنهُ الْقُرْآن فَقَالَ: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} [1].
ألم تَرَ أَن الْآيَة الْكَرِيمَة جمعت بَين ابْتِغَاء الْآخِرَة، وتذكير الْإِنْسَان بِنَصِيبِهِ من الدُّنْيَا حَتَّى لَا يكون فِي شغله بِطَلَب الْآخِرَة مَا ينسيه نصِيبه من الدُّنْيَا؟
وَنحن نلاحظ فِي الْآيَة أَيْضا أَنَّهَا أمرت بِالْإِحْسَانِ، وَهُوَ من أَعمال الْآخِرَة، وحذرت من الْفساد فِي الأَرْض وَهُوَ من أَعمال الدُّنْيَا.
إِن الْآيَة الْكَرِيمَة قد مزجت بَين الْعَمَل الدائب للآخرة بِكُل أَنْوَاعه، وَبَين الْعَمَل الدنيوي الَّذِي يعود على النَّاس بالنفع وَالْخَيْر، وَإنَّك مهما حاولت التَّأَمُّل فِي الْآيَة لن تشعر بفاصل بَين الْعَمَل للدنيا وَالْعَمَل للآخرة، وَمهما أرهفت حسك الأدبي فَلَنْ تدْرك - مهما بالغت - ثقلا أَو صعوبة فِي الِانْتِقَال من أَعمال الْآخِرَة إِلَى أَعمال الدُّنْيَا، لِأَن الْآيَة الْكَرِيمَة قد ساقتهما فِي نسق وَاحِد، وتأليف فريد.
إِنَّك بحسك الأدبي وذوقك الفني تدْرك أَن موسيقى الْأَلْفَاظ وَاحِدَة فِي الْآيَة من أَولهَا إِلَى آخرهَا، وتقسيم الفواصل لَا يخْتَلف فِيهَا، ونلاحظ أَن أَعمال الْآخِرَة وَردت فِي الْآيَة بِصِيغَة الْأَمر وأعمال الدُّنْيَا جَاءَت بِصِيغَة النَّهْي، وَلَعَلَّ ذَلِك لِكَثْرَة مَا يَقع النَّاس فِي الْمَحْظُورَات؛ فَجَاءَت صِيغَة النَّهْي للتحذير من الْوُقُوع فِي مخالب الدُّنْيَا ومفاتنها الَّتِي تشغل النَّاس عَن أَعمال الْآخِرَة؛ فَنَاسَبَ أَن تَأتي بِصِيغَة الْأَمر لأعمال الْآخِرَة {وَابْتَغِ} .. {وَأَحْسِنْ} ، وناسب أَن تَأتي أَعمال الدُّنْيَا بِصِيغَة النَّهْي {وَلا تَنْسَ} .. {وَلا تَبْغِ} .

[1] الْقَصَص الْآيَة77.
نام کتاب : مدرسة الدعوة نویسنده : محمد السيد الوكيل    جلد : 1  صفحه : 217
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست