قال عبد الجبار: "الشفاعة للفساق الذين ماتوا على فسوقهم، ولم يتوبوا لا تجوز، بل مثالها مثال الشفاعة لمن قتل ولد الغير، وظل يتربص للآخر حتى يقتله، فكما أن هذا قبيح فهى قبيحة أيضاً … والنبى صلى الله عليه وسلم، لا يشفع لصاحب كبيرة، ولا يجوز له ذلك لأن إثابة من لا يستحق الثواب قبيحة … والفاسق إنما يستحق العقوبة على الدوام، فكيف يخرج من النار بشفاعته صلى الله عليه وسلم [1] .
... وقد رد المعتزلة أحاديث الشفاعة لأهل الكبائر بدعوى تعارضها مع القرآن الكريم والسنة المطهرة، وبدعوى أنها خبر آحاد، ومسألة الشفاعة طريقها العلم، فلا يصح الاحتجاج به [2] .
وما صح من أحاديث الشفاعة أطلق عليها عبد الجبار حكماً عاماً وهو أن أكثرها مضطرب" [3] .
ومما استدلوا به فى إنكار الشفاعة قوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ} [4] وقوله تعالى: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} [5] .ونحو ذلك من الآيات، واستدلوا على دعوى التعارض مع السنة المطهرة بما سبق من حديث "لا يدخل الجنة نمام …الحديث" وحديث "من قتل نفسه بحديدة … الحديث" [6] . [1] انظر: شرح الأصول ص 688، 689 بتصرف يسير وانظر: فضل الاعتزال ص 209. [2] انظر: شرح الأصول ص 690. [3] انظر: فضل الاعتزال ص 298. [4] الآية 48 من سورة البقرة. [5] جزء من الآية 18 من سورة غافر، وانظر: شرح الأصول ص 689. [6] الحديثان سبق تخريجهما ص782، وانظر: شرح الأصول ص 691.