فكانت النتيجة أن "استدرك جماعة من الحفاظ على البخارى ومسلم عدة أحاديث رأوا أنهما أخلا فيهما بشرطهما، وأنهما لا تبلغ فى صحتها مبلغ ما غلب عليهما إخراجه، وتكلموا فى هذه الأحاديث من جهة أسانيدها، ومن جهة متونها، ولا يصل استدراكهم أو تكلمهم فى هذه الأحاديث إلى حد النزول بها إلى درجة الوضع، بل ولا حتى إلى درجة الضعف الذى لا يحتمل. غاية ما هناك أنهم رأوا قصورها عن درجة ما دأب عليه الشيخان وما التزماه من إخراج أصح الصحيح" [1] .
يدل على ذلك ما قاله الحافظ العقيلى: "لما صنف البخارى كتاب الصحيح عرضه على ابن المدينى، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين وغيرهم؛ فاستحسنوه، وشهدوا له بالصحة، إلا أربعة أحاديث. قال العقيلى: والقول فيها قول البخارى وهى صحيحة ([2]) ".
... قال الإمام النووى: "قد استدرك جماعة على البخارى ومسلم أحاديث أخلا بشرطهما فيها ونزلت عن درجة ما التزماه، ... وقد ألف الإمام الحافظ الدارقطنى فى بيان ذلك كتابه المسمى بالاستدراكات والتتبع، وذلك فى مائتى حديث مما فى الكتابين، ولأبى مسعود الدمشقى أيضاً عليهما استدراك، ولأبى الغسانى الجيانى فى كتابه تقييد المهمل فى جزء العلل منه، استدراك أكثره على الرواة عنهما، وفيه ما يلزمهما، وقد أجيب عن كل ذلك أو أكثره ([3]) ".
... وإذا كان الإمام النووى فى شرحه على مسلم دفع ما أورد على الإمام مسلم، فقد جاء بعده الإمام الحافظ ابن حجر وتتبع المواضع المنتقدة على البخارى تفصيلاً فأجاد فى ذلك فى مقدمته "هدى السارى" مقدمة فتح البارى. [1] انظر: الضوء اللامع المبين عن مناهج المحدثين لفضيلة الأستاذ الدكتور أحمد محرم 2/222. [2] هدى السارى ص 9، 514. [3] انظر: صحيح مسلم (بشرح النووى) مقدمة الشارح، فصل فى الأحاديث المستدركة على البخارى ومسلم 1/49.