يقول الشاطبى: "وهذه هى الظنون المعمول بها فى الشريعة أينما وقعت، لأنها استندت إلى أصل معلوم، فهى من قبيل المعلوم جنسه ... فعلى كل تقدير: خبر واحد صح سنده فلابد من استناده إلى أصل فى الشريعة قطعى، فيجب قبوله، ومن هنا قبلناه مطلقاً، كما أن ظنون الكفار غير مستندة إلى شئ فلابد من ردها [1] .
... يقول الدكتور السباعى: ثم إن الشرع الحنيف قد جاء بتخصيص القطعى بظنى، كما فى الشهادة على القتل والمال باثنين، مع أن حرمة المال والدم مقطوع بهما، وقد قبلت فيهما شهادة الاثنين وهى ظنية [2] .
أما قياسهم الرواية على الشهادة فى اعتبار العدد بحجة أن الرواية شرع عام والشهادة شرع خاص ولم يقبل فيها رواية الواحد، فلأن لا تقبل فى حق كل الأمة من باب أولى.
هذا الكلام منقوض بسائر الأمور التى هى معتبرة فى الشهادة لا فى الرواية كالحرية، والذكورية والبصر، وعدم القرابة" [3] ، وقد حرر الحافظ السيوطى فى التدريب الفرق بين الرواية والشهادة فيما يقرب من إحدى وعشرين فرقاً، فانظرها؛ فإنها مهمة [4] .
... ثم إن القول بظنية سنة الآحاد لا تنطبق على جميع السنة، بل على ما كان منها ضعيفاً أو الأحاديث التى حدث كلام فى صحتها، لاسيما وقد ذهب المحققون من أهل الحديث والأصول، والفقه، إلى إفادة الخبر العلم فيما تلقته الأمة بالقبول كأحاديث الصحيحين أو ما احتفت به قرينة من القرائن الخارجية السابق ذكرها. [1] الاعتصام 1/190، وانظر: الموافقات 3/14 وما بعدها. [2] السنة ومكانتها فى التشريع للدكتور السباعى ص 152، وانظر: الإحكام للآمدى 2/62، والمحصول للرازى 2/193، والمدخل إلى السنة النبوية لفضيلة الأستاذ الدكتور عبد المهدى عبد القادر ص 313، 318، 320. [3] المحصول للرازى 2/206، وانظر: الإحكام لابن حزم 1/111، 127. [4] تدريب الراوى 1/331 - 334.