واشترطوا العدد فى الرواية كما فى الشهادة، فخالفوا الإجماع فى ذلك.
"وكان قصدهم من ذلك رد الأخبار وتعطيل الأحكام، وتلقف ما قالوه بعضُ الفقهاء الذين لم يكن لهم فى العلم قدمٌ ثابتة، ولم يقفوا على مقصودهم من هذا القول" وبذلك صرح ابن قيم الجوزية فى مختصر الصواعق المرسلة [1] .
... ويدل على كل ما سبق ما قاله ابن حزم فى الإحكام، قال: "فإن جميع أهل الإسلام كانوا على قبول خبر الواحد الثقة عن النبى صلى الله عليه وسلم، ويجرى على ذلك كل فرقة فى علمها، كأهل السنة، والخوارج، والشيعة، والقدرية، حتى حدَّث متكلموا المعتزلة بعد المائة من التاريخ فخالفوا الإجماع فى ذلك، ولقد كان عمرو بن عبيد (ت سنة 144هـ) يتدين بما يروى عن الحسن ويفتى به، هذا أمر لا يجهله من له أقل علم [2] .
... ويقول الحافظ أبو بكر الحازمى: "ولا أعلم أحداً من فرق الإسلام القائلين بقبول خبر الواحد اعتبر العدد سوى متأخرى المعتزلة، فإنهم قاسوا الرواية على الشهادة، واعتبروا فى الرواية ما اعتبروا فى الشهادة، وما مغزى هؤلاء إلا تعطيل الإحكام كما قال أبو حاتم ابن حبان" [3] . [1] مختصر الصواعق المرسلة 1/558، وما قاله ابن قيم الجوزية قاله شيخه ابن تيمية فى كتابه الفتاوى بمعناه قال: "كان جمهور أهل العلم من جميع الطوائف على أن خبر الواحد إذا تلقته الأمة بالقبول تصديقاً له أو عملاً به، أنه يوجب العلم، وهذا الذى ذكره المصنفون فى أصول الفقه من أصحاب أبى حنيفة، ومالك، والشافعى، وأحمد، إلا فرقه قليلة من المتأخرين، اتبعوا فى ذلك طائفة من أهل الكلام"، انظر: مجموع الفتاوى13/351،وانظر: السنة المفترى عليها ص 166. [2] الإحكام فى أصول الأحكام لابن حزم 1/110، وحكاه الشاطبى عنهم فى الاعتصام 1/187. [3] شروط الأئمة الخمسة ص 47. وراجع موقف المعتزلة من السنة ص 114-117.