وقد نص على هذا الحافظ ابن حجر فقال فى شرحه على نخبة الفكر: "ومن أحسن ما يقرر به كون المتواتر موجوداً وجود كثرة فى الأحاديث أن الكتب المشهورة المتداولة بأيدى أهل العلم شرقاً وغرباً المقطوع عندهم بصحة نسبتها إلى مصنفيها إذا اجتمعت على إخراج حديث، وقد تعددت طرقه تعدداً تحيل العادة تواطؤهم على الكذب إلى آخر الشروط أفاد العلم اليقينى بصحته إلى قائله، ومثل ذلك فى الكتب المشهورة كثير [1] أ. هـ.
... وقد رد الجمهور على أصحاب المذهبين الأولين القائلين بعدم وجود الحديث المتواتر، أو بعزة وجوده، بأن قولهما إنما نشأ من الآتى:
عدم معرفة طرق الأحاديث وعدم الوقوف على أحوال رواتها وصفاتهم.
وإما لعدم إطلاعهم عليها.
وإما لعدم استيعابهم ذلك، وقصر باعهم عن الوقوف عليها.
ولو عرفوا ذلك لعلموا أن هناك أحاديث كثيرة ينطبق عليها شروط التواتر [2] .
... ويمكن الجمع بين هذه المذاهب الثلاثة بما يلى:
أولاً: أن القائلين بعدم وجود الحديث المتواتر إنما أرادوا المبالغة فى بيان قلته وندرة وجوده، وبذلك عاد أصحاب المذهب الأول إلى المذهب الثانى. [1] نزهة النظر ص 19، وانظر: تدريب الراوى 2/178 - 179، والبحر المحيط 4/248، والمدخل إلى السنة النبوية لفضيلة الأستاذ الدكتور عبد المهدى عبد القادر ص 331. [2] انظر: طعن فضيلة الشيخ شلتوت - رحمه الله - فى هذا الرأى تحت عنوان "الإسراف فى وصف الأحاديث بالتواتر وأسبابه" الإسلام عقيدة وشريعة ص 62 - 65.