بلغ من الجهل إلى هذا الغاية.
... وأما الجواز: فلم يحك الخلاف فيه إلا عن بعض طوائف اليهود والنصارى [1] ، وليس بنا إلى نصب الخلاف بيننا وبينهم حاجة، ولا هذه بأول مسألة خالفوا فيها أحكام الإسلام، حتى يذكر خلافهم فى هذه المسألة، ولكن هذا من غرائب أهل الأصول. على أنا قد رأينا فى التوراة فى غير موضع أن الله سبحانه رفع عنهم أحكاماً لما تضرعوا إليه، وسألوا منه رفعها، وليس النسخ إلا هذا [2] .
... والحاصل: أن النسخ جائز عقلاً، واقع شرعاً، من غير فرق بين كونه فى الكتاب أو السنة. وقد حكى جماعة من أهل الأصول اتفاق أهل الشرائع عليه فلم يبق فى المقام ما يقتضى تطويل المقال [3] .
... وما حكى عن أبى مسلم الأصبهانى؛ فالنقل عنه مضطرب، فمن قائل: إنه يمنع وقوع النسخ سمعاً على الإطلاق. ومن قائل: إنه ينكر وقوعه فى شريعة واحدة ومن قائل: إنه ينكر وقوعه فى القرآن خاصة. [1] انظر: مناهل العرفان فى علوم القرآن للشيخ الزرقانى 2/218 - 223، والإحكام فى أصول الأحكام لابن حزم 4/482 وما بعدها، وفى الإبهاج بشرح المنهاج لابنا السبكى قالا: "وأعلم أنه لا يحسن ذكر هؤلاء المبتدعين فى وفاق ولا خلاف، ولكن السبب فى تحمل المشقة بذكرهم التنبيه على أنهم لم يخالفوا جميعاً فى ذلك، أ. هـ.،الإبهاج فى شرح المنهاج2/228 [2] راجع ما ذكره العلامة رحمت الله الهندى فى كتابه إظهار الحق، وما أثبته من وقوع النسخ فى العهد العتيق، وفى الشريعة الموسوية والعيسوية 1/377 -398. [3] إرشاد الفحول 2/75، 76 بتصرف يسير.