.. إن الذين رووا هذه الأحاديث، هم أنفسهم الذين رووا تلك الأحاديث التى ينكرونها، فكيف لهم الخروج من هذه الورطة التى أوقعوا أنفسهم فيها؟ إن طاعة ولى الأمر ليست على الإطلاق، بل هى مقيدة بطاعته لله ورسوله، تلك الطاعة التى لا تكون إلا بإقامة حكم الله فى الناس.
وهذا يبين أنه ليس ثمة مصلحة لهؤلاء المحدثين، والفقهاء، إلا خدمة هذا الدين، وليسوا أداة فى أيدى الحكام يسخرونها متى شاؤوا وكيف شاؤوا [1] .
بل كانوا حفظة الشريعة وحراس الأرض، ولولاهم لدرس الإسلام، فهم فرسان هذا الدين الذين وقفوا بالمرصاد لحركة الوضاعين من أعداء الإسلام، وأسفر صمودهم عن أدق منهج، وأحكمه فى نقد الروايات وتمحيصها، والتمييز بين غثها وسمينها، فأبلوا فى ذلك أحسن البلاء وبرزوا فى هذا المضمار، واستحدثوا فيه العلوم وقعدوها، وضبطوها وأَصَّلوها، وجاؤوا بالعجب العجاب فى حفظ السنة المطهرة [2] . فكانوا آية تصدق آية {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [3] أ. هـ.
والله تبارك وتعالى
أعلى وأعلم [1] ضوابط الرواية عند المحدثين ص 342 - 347 بتصرف، وانظر: مجلة كلية الدعوة بليبيا العدد 8/579 - 583، وللاستزادة فى الجواب عن هذه الشبهة انظر: منهج السنة فى العلاقة بين الحاكم والمحكوم لفضيلة الأستاذ الدكتور يحيى إسماعيل حبلوش. [2] الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث فى القرن الثانى الهجرى للدكتور عبد المجيد محمود ص3 بتصرف. [3] الآية 9 من سورة الحجر.