.. والحقيقة أن المحدثين، وما ابتكروه من علم مصطلح الحديث، الذى تفردت به الأمة الإسلامية عن سائر الأمم، وتميزت بتأسيسه، وإنشائه، وتقعيده، والتفنن فيه، كان من أكبر النتائج النافعة التى تولدت عن تلك الحملة الضارية على السنة النبوية المطهرة.
قصدت مساتى فاجتلبت مسرتى ... *** ... وقد يحسن الإنسان من حيث لا يدرى (1)
كما كان هذا العلم صخرةً صلبةً تكسرت عليها كل المؤامرات التى حيكت فى الظلام على أحاديث النبى صلى الله عليه وسلم، وخرجت السنة النبوية من المعركة الطويلة سليمة منتصرة [2] ، ولا يمكن أن تكون حركة الوضاعين وما وضعوا من أحاديث دليلاً على ضعف السنة بمجموعها، وبالتالى عدم حجيتها. لأن الوضاعين وما وضعوه لم يخف قط على المحدثين.
... يقول الأستاذ محمد أسد: "فوجود الأحاديث الموضوعة إذن لا يمكن أن يكون دليلاً على ضعف نظام الحديث فى مجموعه، لأن تلك الأحاديث الموضوعة لم تخف قط على المحدثين كما يزعم بعض النقاد الأوربيين عن سذاجة، وتابعهم على ذلك بعض أدعياء العلم من أبناء أمتنا الإسلامية" [3] .
(1) لمحات من تاريخ السنة وعلوم الحديث للأستاذ عبد الفتاح أبو غدة ص 189. [2] انظر: بحث الشيخ عز الدين الخطيب التميمى فى مؤتمر السنة النبوية ومنهجها فى بناء المعرفة والحضارة 2/550. [3] الإسلام على مفترق الطرق ص 96 بتصرف، وانظر: مقدمة الدكتور عبد الوهاب عبد اللطيف فى المقاصد الحسنة للسخاوى.