.. وتبين لك مما سبق كيف أن تلك الضوابط والقيود أخرجت أصناف الوضاعين الوارد ذكرهم فى أسباب الوضع، فلم تقبل مروياتهم، فحفظت بذلك السنة النبوية المطهرة من خبثهم ومكرهم [1] ، وليس الأمر كما يصوره أعداء الإسلام من اختلاط أمرهم على المحدثين، وضياع مروياتهم فى كتب السنة الصحاح بلا تميي، ز فعلماء الأمة عندما اشترطوا فيمن تقبل روايته: أن يكون عدلاً ضابطاً، لم يتساهلوا فى ذلك البتة، وما وقع من تساهل كان فى فعل بعض المباحات، مثل الإفراط فى المزاح، والمداعبة، والأكل فى الأسواق، ونحو ذلك من ضروب المباحات التى لا يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها، وإن كانت تنتقص من مقامات فاعليها لما تعارف عليه الناس واشتهر عندهم على أنها من خوارم المروءة، وهى فى نفس الوقت لا تؤثر لا على عدالة الراوى بالسقوط للتفاوت المعروف بين المتشددين والمتساهلين فى قبول ورد من خرمت مروءته ببعض الصغائر [2] . وكذلك لا تؤثر أيضاً على عدم الوثوق فى هذا المنهج العظيم الذى هو غاية الاعتدال والإنصاف، لا شطط ولا غلو [3] . [1] انظر: مقارنة بين تطبيق شروط الحديث الصحيح عند علماء الحديث وتطبيق نفس الشروط على أسفار العهد الجديد فى كتاب منهجية جمع السنة وجمع الأناجيل للدكتورة عزية على طه ص481 - 483. [2] انظر: الكفاية للخطيب فصل بعنوان "باب ذكر بعض أخبار من استفسر فى الجرح فذكر ما لا يسقط العدالة" الكفاية ص 110. [3] ضوابط الرواية عند المحدثين للأستاذ الصديق بشير ص 118، 119 بتصرف، وانظر: لمحات من تاريخ السنة وعلوم الحديث للأستاذ عبد الفتاح أبو غدة ص 108 - 112.