ومن رحمة الله تعالى أن كانت أمة الإسلام أمة تملك قوة الذاكرة، وعظمة الصدق وتحمل الرواية، وقد فاقت فى ذلك كل الأمم، وقد وعى الصحابة الكرام - رضى الله تبارك وتعالى عنهم أجمعين - كل ما سمعوه وكل ما شاهدوه، وحرصوا أشد الحرص وأبلغه على حفظه ونشره، حرصاً لم يعرف عن أمة نبى من الأنبياء، وجاء التابعون وتابعوهم فحملوا الأمانة، وبلغوا حديث الرسول الحبيب، وتتابع المسلمون جيلاً بعد جيل برواية العدل الضابط عن مثله يحفظون ويبلغون [1] أ. هـ.
وصدق القائل: "إن الحديث علم رفيع القدر، عظيم الفخر، شريف الذكر لا يعتنى به إلا كل حبر، ولا يحرمه إلا كل غمر، ولا تفنى محاسنه على مر الدهر، لم يزل فى القديم والحديث يسمو عزةً وجلالاً، إذ به يعرف المراد من كلام رب العالمين، ويظهر المقصود من حبله المتصل المتين، ومنه يدرى شمائل من سما ذاتاً ووصفاً واسماً، ويقف على أسرار بلاغة من شرف الخلائق عرباً وعجماً [2] .
يقول الدكتور محمد على الصابونى: "وسيظل الحديث النبوى بالسند المتصل من الخصائص التى اختص الله عزَّ وجلَّ بها هذه الأمة الإسلامية، ذلك الكنز الثمين، والتراث النبوى العظيم، الذى تركه لنا سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.، فحفظته الأمة غضاً طرياً على مدى العصور والأزمان وها نحن اليوم وقد مضى القرن الرابع عشر، ودخلنا فى القرن الخامس عشر من هجرة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم. نقرأ حديث نبينا صلى الله عليه وسلم. ونسمعه ونحفظه، كما نطق به رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويخطب به ويذاع على العالم، نقياً صحيحاً وكأن رسول الله صلى الله عليه وسلم. حىٌّ بين أظهرنا نتحدث به هذه الساعة، ولم يكن مثل هذا لأمة من أمم الأرض، أمة حفظت ورعت كلام نبيها كما رعته وحفظته هذه الأمة الإسلامية على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم، ليبقى دين الله عزَّ وجلَّ خالداً دائماً مدى الأزمان" [3] . [1] السنة بين أنصارها وخصومها مخطوط بكلية أصول الدين بالقاهرة رقم748 جـ1 /18،19 بتصرف. [2] نقلاً عن السنة النبوية للدكتور أحمد كريمة ص 18. [3] السنة النبوية المطهرة قسم من الوحى الآلهى المنزل ص 83 بتصرف يسير.