[1]- القول الأول: ذهب إلى أن بدايته فى عهد النبوة المباركة، وبه قال الدكتور صلاح الدين الأدلى [1] ، والدكتور فاروق حماده [2] ، واستدلوا على ذلك بما روى عن بُرَيْدَة رضي الله عنه [3] قال: جاء رجل إلى قوم فى جانب المدينة فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنى أن أحكم برأيى فيكم، فى كذا وكذا. وقد كان خطب امرأة منهم فى الجاهلية، فأبوا أن يزوجوه، فبعث القوم إلى النبى صلى الله عليه وسلم يسألونه، فقال: "كذب عدو الله". ثم أرسل رجلاً فقال: "إن أنت وجدته ميتاً فأحرقه" فوجده قد لدغ فمات، فحرقه، فعند ذلك قال النبى صلى الله عليه وسلم: "من كذب على متعمداً فليتبوأ مقعده من النار" (4) [1] منهج نقد المتن عند علماء الحديث ص 40، 41. [2] المنهج الإسلامى فى الجرح والتعديل ص 271 - 273. [3] بُرَيْدَةُ هو: بُرَيْدَةُ بن الحُصَيْب، صحابى جليل له ترجمة فى: الاستيعاب 1/185 رقم 217، وتاريخ الصحابة ص 43 رقم 108، ومشاهير علماء الأمصار ص 78 رقم 414، واسد الغابة 1/367رقم 398، والإصابة 1/146 رقم 632.
(4) أخرجه ابن عدى فى الكامل 4/1371، ونقله عنه ابن الجوزى فى مقدمة كتابة (الموضوعات) 1/55، 56 من حديث بريدة رضي الله عنه، وفى إسناده بروايته عند ابن عدى، وروايتيه عند ابن الجوزى (صالح بن حيان القرشى) اتفقت كلمة المحدثين النقاد على تضعيفه وجرحه، كما تراه فى ترجمته فى: تهذيب التهذيب 4/386، وتقريب التهذيب 1/427 رقم 2862، والجرح والتعديل 4/398 رقم 1739، والمجروحين لابن حبان 1/365، والضعفاء والمتروكين للنسائى ص135 رقم 311، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال ص 170 وترجم له الحافظ الذهبى فى الميزان 2/292 فذكر من منكراته هذا الحديث نفسه، وقال: رواه كله صاحب (الصارم المسلول) ص 169 من طريق البغوى عن يحيى الحمانى عن على بن مسهر وصححه، ولم يصح بوجه. والحديث أخرجه الطبرانى فى الأوسط 3/59 عن عبد الله بن عمرو بن العاصرضي الله عنه، وفى إسناده عطاء بن السائب الكوفى وقد اختلط كما قال الهيثمى فى مجمع الزوائد 1/145، وقد نص الطبرانى أن هذا الحديث لم يروه عن عطاء إلا وهيب بن خالد، وقد ذكر أبو داود أنه سمع منه بعد اختلاطه. انظر: نهاية الاغتباط ص241 رقم 71، وفى تهذيب التهذيب 7/203 رقم 385 رواية وهيب عنه فى جملة ما يدخل فى الاختلاط، هذا وقد تتبع الأستاذ عبد الفتاح أبو غدة هذا الحديث برواياته المتعددة فى كتابه "لمحات من تاريخ السنة" تحت عنوان "بطلان الأحاديث الدالة على وجود الكذب على النبى صلى الله عليه وسلم فى حياته ص 56 – 65، وقال: وأما الحديث الذى جاء فى سبب ورود حديث "من كذب علىَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار"، فهو حديث منكر لا يصح الالتفات إليه ولا التعويل عليه، انظر: لمحات من تاريخ السنة ص 56