صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. الصبح ذات يوم ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا؟ فقال: "أوصيكم بتقوى الله عزَّ وجلَّ والسمع، والطاعة، وإن كان عبداً حبشياً، فإنه من يعش منكم بعدى فسيرى اختلافاً كثيراً؛ فعليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة" [1] وقوله صلى الله عليه وسلم. فيما رواه عنه عبد الله بن عمرو [2] -رضى الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. "إن بنى اسرائيل تفرقت على اثنتين وسبعين ملة، وتفترق أمتى على ثلاث وسبعين، كلهم فى النار إلا ملة واحدة، قالوا: ومن هى يا رسول الله قال: ما أنا عليه وأصحابى" [3] .
واستدل على ذلك أيضاً بأن السلف كانوا يقولون: سنة العمريين أى أبى بكر وعمر -رضى الله عنهما-، ومما أخرجه ابن عبد البر بسنده عن مالك بن أنس [4] قال عمر بن عبد العزيز [5] : [1] أخرجه أبو داود فى سننه كتاب السنة، باب فى لزوم السنة 4 /200 رقم 4607، والترمذى كتاب العلم، باب ما جاء فى الأخذ بالسنة واجتناب البدع 5 /43-44 رقم2676،وابن ماجة فى المقدمة، باب إتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين 1 /15-17 رقمى 42-43 وغيرهم. [2] عبد الله بن عمرو: صحابى جليل له ترجمة فى: الإصابة 2 /351 رقم 4865، والاستيعاب 3 /256 رقم 1636، واسد الغابة 3 /345 رقم 3092، وتجريد أسماء الصحابة 1 /326، وتاريخ الصحابة رقم 721، ومشاهير علماء الأمصار ص71 رقم 377، وتذكرة الحفاظ 1 /41 رقم 19، وطبقات الحفاظ للسيوطى ص 18 رقم 19. [3] أخرجه الترمذى كتاب الإيمان، باب ما جاء فى افتراق هذه الأمة5/26رقم2641، وقال أبو عيسى: هذا حديث مفسر غريب لا نعرفه مثل هذا إلا من هذا الوجه، وانظر: أصول الحديث علومه ومصطلحه للدكتور محمد عجاج الخطيب بتصرف يسير ص 21، 22. [4] مالك بن أنس: هو الإمام مالك بن أنس، أحد أعلام الإسلام، إمام دار الهجرة، وصاحب الموطأ، توفى سنة 179هـ. له ترجمة فى: تذكرة الحفاظ1 /207 رقم199،وطبقات المفسرين للداودى 2 /294رقم 613،والديباج المذهب ص56،وشذرات الذهب1 /289، والثقات للعجلى ص417 رقم 1521، ومروج الذهب3/350، ومشاهير علماء الأمصار ص169 رقم1110 [5] عمر بن عبد العزيز: هو عمر بن العزيز بن مروان بن الحكم بن أبى العاص الأموى، أمير المؤمنين، أمه أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، ولى إمرة المدينة للوليد، وكان مع سليمان كالوزير، وولى الخلافة بعده، فعد من الخلفاء الراشدين مدة خلافته سنتان ونصف، توفى سنة 101هـ. له ترجمة فى: تذكرة الحفاظ 1 /188 رقم 104، وطبقات الحفاظ للسيوطى ص53 رقم 101، وتقريب التهذيب 1 /722 رقم 4956، والكاشف 2/65 رقم 4089، ومشاهير علماء الأمصار ص 209 رقم 1411.