المبحث الأول:كلمة فى الاصطلاح
معرفة الفوارق بين المعانى اللغوية والمعانى الاصطلاحية
معرفة الفوارق بين المعانى فى اللغة وبينها فى الاصطلاح مبحث فى غاية الأهمية، لا سيما وقد ظهر الخلط بين هذه المعانى عند أعداء الإسلام والسنة المطهرة فى هجومهم على السنة، فهم لا يكادون يهتمون بمعرفة تلك الفروق، إما عن جهل يجرهم إلى اسوأ الأحكام وأتعس النتائج بإنكار حجية السنة المطهرة، وإما عن علم متعمد لا يهتمون ولا يبينون الفوارق بين المعانى فى اللغة وبينها فى الاصطلاح بقصد تضليل القارئ وتشكيكه فى حجية السنة المطهرة ومصدريتها التشريعية [1] .
يقول أبو هلال العسكرى [2] فى كتابه (الفروق فى اللغة) :
"الفرق بين الاسم العرفى والاسم الشرعى: أن الاسم الشرعى ما نقل عن أصله فى اللغة فسمى به فعل أو حكم حدث فى الشرع نحو الصلاة والزكاة والصوم والكفر والإيمان والإسلام وما يقرب من ذلك، وكانت هذه أسماء تجرى قبل الشرع على أشياء، ثم جرت فى الشرع على أشياء أخر، وكثر استعمالها حتى صارت حقيقة فيها، وصار استعمالها على الأصل مجازاً، ألا ترى أن استعمال (الصلاة) اليوم فى الدعاء مجاز، وكان هو الأصل. والاسم العرفى ما نقل عن بابه بعرف الاستعمال نحو قولنا (دابة) وذلك أنه قد صار فى العرف اسماً لبعض ما يدب وكان فى الأصل اسماً لجميعه.
وعند الفقهاء أنه إذا ورد عن الله تعالى خطاب قد وقع فى اللغة لشئ واستعمل فى العرف لغيره، ووضع فى الشرع لآخر، فالواجب حمله على ما وضع فى الشرع؛ لأن ما وضع له فى اللغة قد انتقل عنه، وهو الأصل فيما استعمل فيه بالعرف أولى بذلك وإن كان الخطاب فى العرف لشئ وفى اللغة بخلافه وجب حمله على العرف، لأنه أولى، كما أن اللفظ الشرعى يحمله على ما عدل عنه، وإذا حصل الكلام مستعملاً فى الشريعة أولى على ما ذكر قبل، [1] ضوابط الرواية عند المحدثين للأستاذ الصديق بشير نصر ص 25 بتصرف، وانظر السنة فى مواجهة أعدائها للدكتور طه حبيشى ص 23 وما بعدها. [2] أبو هلال العسكرى: هو الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكرى، لغوى، مفسر، شاعر، أديب. من مصنفاته لحن الخاصة، والتخليص فى اللغة، والفروق، والمحاسن فى تفسير القرآن، توفى بعد سنة 395هـ. له ترجمة فى: طبقات المفسرين للسيوطى، ص 33 رقم 29، وطبقات المفسرين للداودى 1 /138 رقم 131، ومعجم الأدباء للسيوطى 3 /135، ومعجم المؤلفين لعمر كحالة 3 /240.