فالسبب أنهم أبداً وإلى أن تقوم الساعة فى شك من هذا الدين ومن نبوة المصطفىصلى الله عليه وسلم. وهم دائماً فى موقف الحذر منه والتربص به.ومهما حدث من أمور يظهرون من خلالها التودد والمجاملة، إلا أن ذلك يخفى حقيقة فى قلوبهم لا يريدون إظهارها ففعلهم فى واد، وقلوبهم فى واد آخر.
وإذا كان هناك من رضاً متوقع، فلن يكون إلا فى حين اتباع ملتهم، والسير خلفهم، وعدم مخالفتهم فيما يفعلون أو يكتبون من خرافات وأساطير عن الإسلام أما دون ذلك فلا، قال تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [1] وقال تعالى: {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً} [2] .
فالولاء الوحيد فى قلوب هؤلاء؛ إنما هو لدينهم ولمصلحتهم لا للإسلام ولا للمسلمين كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [3] .وإذا كان هؤلاء المستشرقون صادقين فى ادعائهم الموضوعية والحيدة فيما يكتبون، فنحن نطلب منهم أن يلتزموا بأوليات بديهية يتطلبها المنهج العلمى السليم فعندما أرفض وجهة نظر معينة لابد أن أبين للقارئ أولاً وجهة النظر هذه من خلال فهم أصحابها لها ثم لى بعد ذلك أن أوافقها أو أخالفها.وعلى هذا الأساس نقول عندما يكتب عن الإسلام: إن الكيان الإسلامى كله يقوم على أساس الإيمان بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم. الذى تلقى القرآن وحياً من عند الله.ويجب على العالم النزيه والمؤرخ المحايد أن يقول ذلك لقرائه عندما يتعرض للحديث عن الإسلام حتى يستطيع القارئ أن يفهم سر قوة هذا الإيمان فى تاريخ المسلمين [4] . ثم له بعد ذلك أن يخالف المسلمين فى معتقداتهم وتصوراتهم أو يوافقهم؛ غير أن هذا المنهج المنطقى والطبيعى قلما يتبع مع الأسف، ويتبعون بدلاً منه منهجهم القائم على ما يلى:
1- تحليل الإسلام ودراسته بعقلية أوروبية، فهم حكموا على الإسلام معتمدين على القيم والمقاييس الغربية المستمدة من الفهم القاصر والمحدود والمغلوط الذى يجهل حقيقة الإسلام [5] .
2- تبييت فكرة مسبقة ثم اللجوء إلى النصوص واصطيادها لإثبات تلك الفكرة واستبعاد ما يخالفها، وذلك منهج معكوس وليد الهوى. [1] الآية 120 من سورة البقرة. [2] الآية 89 من سورة النساء. [3] جزء من الآية 73 من سورة الأنفال. [4] نقد كتاب فييت (مجد الإسلام) للدكتور حسين مؤنس ملحق بكتاب الفكر الإسلامى الحديث وصلته بالاستعمار ص 459: 463، وانظر: الاستشراق للدكتور زقزوق ص 95. [5] السنة ومكانتها فى التشريع للدكتور السباعى ص 188، والاستشراق والمستشرقون للدكتور السباعى ص 49، ومناهج المستشرقين فى الدراسات العربية والإسلامية لجماعة من العلماء ص364، والإسلام والمستشرقون لنخبة من العلماء ص 191، والاستشراق والمستشرقون وجهة نظر للأستاذ عدنان محمد وزان ص 124.