ثانياً: وكون الحديث آحاداً ومن أجل ذلك سهل رده، قول مردود، وحجة داحضة، وقد سبق الكلام عن ذلك فلا إعادة ههنا [1] .
... وقول السيد رشيد رضا بأنه: غريب عن التشريع؛ لأنه ينافى قاعدة تحريم الضار، واجتناب النجاسة.
يرد عليه: بأن الحديث لم ينف ضرر الذباب بل أثبت ذلك، فذكر أن فى أحد جناحيه داء، ولكنه زاد ببيان أن فى الآخر شفاء، وأن ذلك الضرر يزول إذا غمس الذباب كله [2] .
... يقول الإمام ابن قيم الجوزية – رحمه الله -: "وأعلم أن فى الذباب عندهم قوة سمية يدل عليها الورم، والحكمة العارضة عن لسعة، وهى بمنزلة السلاح، فإذا أسقط فيما يؤذيه اتقاه بسلاحه، فأمر النبى صلى الله عليه وسلم أن يقابل تلك السمية بما أودعه الله سبحانه فى جناحه الآخر من الشفاء، فيغمس كله فى الماء والطعام، فيقابل المادة السمية المادة النافعة، فيزول ضررها، وهذا طب لا يهتدى إليه كبار الأطباء وأئمتهم، بل هو خارج من مشكاة النبوة، ومع هذا فالطبيب العالم العارف الموفق يخضع لهذا العلاج، ويقر لمن جاء به، بأنه أكمل الخلق على الإطلاق، وأنه مؤيد بوحى إلهى خارج عن القوة البشرية [3] .
... وقال الشوكانى – رحمه الله -: "والفائدة فى الأمر بغمسه جميعاً هى أن يتصل ما فيه من الدواء بالطعام أو الشراب كما اتصل به الداء، فيتعادل الضار والنافع فيندفع الضرر" [4] . [1] راجع إن شئت ص 497، 552-566، 751-753، 757، 758، 787-788. [2] انظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة للألبانى المجلد 1/61. [3] زاد المعاد 4/112. [4] نيل الأوطار 1/56، وانظر: سبل السلام 1/37.