.. وأما ادعاؤه بأن الطب النبوى لا يأتى بثمرة ولا نتيجة إلا إذا استعمل على جهة التبرك. ويستشهد على هذا بقصة دواء المبطون بالعسل.
فالرد على هذا بأن أى دواء يستلزم من المريض ثقة منه فى مفعوله، وثقة فى طبيبه الذى يداويه. وهذا الكلام معلوم عند الأطباء مسلمهم، وغير مسلمهم قديمهم وحديثهم؛ لأن القوى النفسية لها تأثير عجيب فى القوى الجسدية وهذا عام فى كل مريض وكل دواء [1] .
... والقصة التى وردت عن الرجل الذى شرب العسل بعد أربع جرعات لم تبين لنا حال المريض، وإنما تكلمت عن أخيه الذى كان واسطة بينه وبين النبى صلى الله عليه وسلم، ولا نستطيع أن نحكم هل كان الرجل يشرب العسل تبركاً أو كان يشربه على أنه دواء، ولا مانع من البركة أيضاً.
... وأيّاً ما كان هذا الأمر: فإن الرجل قد شفى على كل حال، ولو لم تكن فى العسل خاصية ضد مرض الرجل لما شفى من مرضه، وقد ثبت طبياً احتواء العسل على مواد قاتله للميكروبات، وثبت كونه دواء لهذا المرض.
هذا وقد تناول الرسول صلى الله عليه وسلم، فى طبه أدواء كثيرة، وبين خصائص كثير من الأدوية، النباتى منها وغير النباتى [2] .
... يقول ابن قيم الجوزية مميزاً طبه صلى الله عليه وسلم، عن طب الأطباء: "وليس طبه صلى الله عليه وسلم، كطب الأطباء، فإن طبه صلى الله عليه وسلم، متيقن قطعى إلهى صادر عن الوحى، ومشكاة النبوة، وكمال العقل، وطب غيره أكثره حدس وظنون وتجارب" [3] . [1] انظر: زاد المعاد 4/71. [2] انظر: الطب فى السنة للدكتور محمد أحمد السنهورى ص 259 – 261. [3] زاد المعاد 4/11.