.. واعلم: أن الرسل "صلوات الله وسلامه عليهم" لا يخبرون بما تحيله العقول وتنافيه، ولكن إخبارهم إما أن يشهد به العقل والفطرة، وإما أن لا يدركه العقل لعجزه عن الوصول إلى حقيقته وكنهه، ولا يكون الخبر بذلك محالاً فى العقل، وبالتالى كل خبر يظن أن العقل يحيله فإما أن يكون كذباً أو يكون ذلك العقل فاسداً [1] .
وبعد
فإن عذاب القبر أو نعيمه حق ثابت بظاهر القرآن، وصريح السنة المطهرة وعلى ذلك إجماع أهل السنة [2] .
فإن الميت إذا مات يكون فى نعيم أو عذاب، وأن ذلك يحصل لروحه وبدنه، وأن الروح تبقى بعد مفارقة البدن منعمة أو معذبة، وأنها تتصل بالبدن أحياناً ويحصل له معها النعيم أو العذاب، ثم إذا كان يوم القيامة الكبرى، أعيدت الأرواح إلى الأجساد، وقاموا من قبورهم لرب العالمين [3] .
أدلة عذاب القبر ونعيمه:
... الذى يلقى نظرة فى القرآن الكريم، والسنة المطهرة يجد أن عذاب من يستحق العذاب، ونعيم من يستحق النعيم يبدأ منذ قدوم الملائكة لأخذ روحه عند الموت قال تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْءَايَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ} [4] . [1] الروح ص 86، 87 بتصرف، وانظر: موقف المدرسة العقلية من السنة1/403–405. [2] شرح لمعة الاعتقاد الهادى إلى سبيل الرشاد لابن قدامة المقدسى ص 69، وانظر: موقف المدرسة العقلية من السنة 1/397. [3] الروح ص 74، ولوامع الأنوار البهية 2/25. [4] الآية 93 من سورة الأنعام.