ونقل الإمام الآمدى فى الإحكام: اتفاق الجمهور من الفقهاء، والمتكلمين من الأشاعرة والمعتزلة على أن العلم الحاصل عن خبر التواتر ضرورى.وقال الكعبى [1] وأبو الحسين البصرى [2] من المعتزلة، والدقاق [3] من أصحاب الشافعى؛ أنه نظرى [4] . ثم اختلف هؤلاء فى أقل عدد يحصل معه العلم [5] .
ويحكى الإمام ابن حزم مثل ما حكاه الحافظ الحازمى: من أن المعتزلة: هم أول من اشترطوا العدد فى قبول الأخبار، فخالفوا بذلك جميع أهل الإسلام فقال: "إن جميع أهل الإسلام كانوا على قبول خبر الواحد الثقة على النبى صلى الله عليه وسلم. يجرى على ذلك كل فرقة فى علمها كأهل السنة، والخوارج، والشيعة، والقدرية حتى حدث متكلموا المعتزلة بعد المائة من التاريخ فخالفوا الإجماع بذلك، ولقد كان عمرو بن عبيد يتدين بما يروى عن أبى الحسين البصرى من المعتزلة ويفتى به، هذا أمر لا يجهله من له أقل علم [6] .
وإذا كان الحازمى حكى فى شروط الأئمة الخمسة عن بعض متأخرى المعتزلة اشتراط العدد فى الرواية كما فى الشهادة، وحكى ذلك أيضاً عن بعض أصحاب الحديث كما حكاه السيوطى [7] .
فقد أجاب شيخ الإسلام ابن حجر رضي الله عنه عن حكاية ذلك الشرط عن بعض أصحاب الحديث بقوله: [1] الكعبى: هو عبد الله بن أحمد بن محمود الكعبى، البلخى، رأس طائفة من المعتزلة تسمى الكعبية، وله تصنيف فى الطعن على المحدثين، يدل على كثرة إطلاعه وتعصبه. مات سنة 319 هـ له ترجمة فى: لسان الميزان 3 /716 رقم 4054، وشذرات الذهب 2 /281 ووفيات الأعيان 2 /248 رقم330، والبداية والنهاية11 /284، وطبقات المعتزلة لابن المرتضى ص 25، 49. [2] أبو الحسين: هو محمد بن على بن الطيب البصرى، أبو الحسين، أحد أئمة المعتزلة، قال الخطيب البغدادى: له تصانيف وشهرة بالذكاء والديانة على بدعته، من آثاره: "المعتمد فى أصول الفقه، وتصفح الأدلة، وليس بأهل للرواية، مات سنة 436هـ. له ترجمة فى: طبقات المعتزلة لابن المرتضى ص 118، والكامل فى التاريخ 9 /27، ووفيات الأعيان 4 /271 رقم 609، وميزان الاعتدال 3 /654 رقم 7972، والبداية والنهاية 12 /53. [3] الدقاق: هو محمد بن محمد بن جعفر الدقاق الشافعى، الفقيه الأصولى، القاضى كان عالماً فاضلاً، له كتاب فى أصول الفقه، مات سنة 392هـ. له ترجمة فى: تاريخ بغداد3 /229 رقم 1294، والنجوم الزاهرة 4 /206، والوافى بالوفيات 1 /116. [4] الإحكام للآمدى 2 /27، وانظر: المسودة فى أصول الفقه آل تيمية ص 234. [5] الإحكام للآمدى 2 /39، والمسودة فى أصول الفقه ص 236، والبرهان 1 /217. [6] الإحكام لابن حزم 1 /110، وانظر: الاعتصام للشاطبى 1 /187. [7] تدريب الراوى 1 /70.