.. فردوا قوله صلى الله عليه وسلم: "إنكم ترون ربكم يوم القيامة" [1] . وتأولوا قول الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [2] وقالوا: لا يجوز أن يسأل الميت فى قبره لقول الله تعالى: {أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} [3] فردوا الأحاديث المتواترة فى عذاب القبر وفتنته [4] ، وردوا الأحاديث فى الشفاعة على تواترها [5] ، وقالوا: لن يخرج من النار من أدخل فيها، وقالوا: لا نعرف حوضاً [6] ولا ميزاناً [7] ، ولا نعقل ما هذا، وردوا السنن فى ذلك كله برأيهم، وقياسهم، مع تواتر الأحاديث فى ذلك – إلى أشياء يطول ذكرها من كلامهم فى صفة البارى" [8] وسبق تفصيل ذلك والرد عليه [9] .
... والحقيقة: أن تحكيم الرأى أمر يسير لا عناء فيه ولا ينبغى لأهل الابتداع والإلحاد قديماً وحديثاً أن يفخروا، وإنما الفخر بإتباع الوحى وإن خفيت علينا حكمته، ولم نستطع إدراك حقيقته لا سيما فى الغيبيات؛ لأن العقل يقف عاجزاً عن إدراك عالم ما وراء الطبيعة. وتحكيم العقل فى هذا العالم تجاوز لحدود العقل، وسفه من صاحبه، وتطاول على خالقه–والعياذ بالله– [1] سبق تخريجه ص 762. [2] الآيتان 22، 23 من سورة القيامة. وقد سبق تفصيل ذلك والرد عليه ص 755-766. [3] جزء من الآية 11 من سورة غافر. [4] سيأتى بيان تواتره فى الرد على منكريه فى المبحث التالى ص 817. [5] سبق الدفاع عنه ص 785، 786. [6] انظر: فى تواتره الأزهار المتناثرة ص 74 رقم 108، وإتحاف ذوى الفضائل المشتهرة ضمن مجموعة الحديث الصديقية ص 226. [7] انظر: فى تواتره إتحاف ذوى الفضائل المشتهرة ضمن مجموعة الحديث الصديقية ص 225. [8] الاعتصام 2/573، 574 بتصرف يسير، وانظر: أصول الدين للبغدادى ص 245، 246. [9] راجع: إن شئت ص 246-248.