.. قال الدكتور محمد هراس: "فالآية صريحة فى أنه رفعه حياً؛ لأنه ذكر الرفع وأثبته مكان الذى نفاه من القتل والصلب. ولو كان عيسى – عليه السلام – قد مات فى الأرض ودفن، وأن المراد بالرفع رفع روحه أو منزلته كما يزعم المنكرون لما حسن ذكر الرفع فى مقابل نفى القتل والصلب، لأن الذى يناسب نفى القتل والصلب عنه هو رفعه حياً لا موته، وإلاَّ لقال وما قتلوه وما صلبوه بل الله هو الذى قتله.
وكيف يتوهم متوهم أن المراد بقوله تعالى: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [1] هو رفع روحه، وهو إنما ذكر لإبطال ما زعموه من قتله وصلبه، ورفع الروح، لا يبطل القتل والصلب بل يجامعهما، فإنهم لو قتلوه فرضاً لرفعت روحه إلى الله، على أن فى إخباره عز وجل بأنه رفعه إليه، ما يشعر باختصاصه بذلك، والذى يمكن أن يختص به عيسى هو رفعه حياً بجسده وروحه؛ لأن أرواح جميع الأنبياء، بل المؤمنين ترفع إلى الله بعد الموت لا فرق بين عيسى وغيره فلا تظهر فيه الخصوصية [2] .
وحياته -عليه السلام- ليست كحياة من على الأرض يحتاج إلى الطعام والشراب ويخضع للسنن والنواميس الكونية، كسائر الأحياء، وإنما حياته حياة خاصة عند الله عز وجل لا يشعر بالضرورات الجسدية من طعام أو شراب أو نحوهما [3] .
... وقد جاءت آيات أيضاً تدل على نزوله إلى الأرض فى آخر الزمان من ذلك: [1] الآية 158 من سورة النساء. [2] مشكلات الأحاديث ص 167، 168. [3] المصدر السابق ص 181، 182.