وكان من عادة العرب أن يسترضعوا لأولادهم في البوادي؛ حيث تتوافر أسباب النشأة البدنية السليمة.
ولقد رأت حليمة السعدية من أمر هذا الرضيع عجباً، ومن ذلك أنها أتت مع زوجها إلى مكة على أتان هزيلة بطيئة السير، وفي طريق العودة من مكة، وهي تضع الرضيع في حجرها كانت الأتان تعدو عَدْوَا سريعا، وتُخَلف وراءها كل الدواب؛ مما جعل رفاق الطريق كلهم يتعجبون.
وتحدث حليمة بأن ثديها لم يكن يدر شيئا من الحليب، وأن طفلها الرضيع كان دائم البكاء من شدة الجوع، فلما ألقمت الثدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - در غزيرا، فأصبحت ترضعه وترضع طفلها حتى يشبعا.
وتحدث حليمة عن جدب أرض قومها ديار بني سعد، فلما حظيت بشرف رضاعة هذا الطفل أنتجت أرضها، وماشيتها، وتَبَدَّلت حالها من بؤس وفقر، إلى هناء ويسر.
وبعد سنتين عادت به حليمة إلى أمه وجده في مكة، لكن حليمة ألحت على أمه أن توافق على بقائه عندها مرة ثانية؛ لما رأت من بركته عليها؛ فوافقت أمه آمنة، فعادت حليمة بالطفل مرة أخرى إلى ديارها والفرحة تملأ قلبها.