ومما ينبغي وعيه هنا أن الرجل كان يرمي إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وليس إلى تغيير منكر يراه، وفرقُُ غير خفي بين فريضة تغيير منكر وقع ورآه المرء، وفريضة أمر بمعروف ونهي عن منكر، وإن لم يقع.. فالتغيير، بعض النهي، وليس كله.
على أن قوله تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ} ... الآية وقوله تعالى: {لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} لا يؤخذ منه أن مرتكب المنكر لا يغير منكر غيره، فقد جاء هذا القول في سياق ذم النهي عن المنكر وإتيانه، أو الأمر بالبر، وترك فعله في الوقت نفسه، ولا يلزم من ذلك منع النهي عن المنكر ممن هذه حاله، أو منع الأمر بالبر ممن هذه حاله، بل هو دعوةِ إلى ترك المنكر، لا ترك تغييره في غيره، حتى يتركه هو.. فهو قول سيق للنهي عن ارتكاب هذه الأفعال، وإبراز شناعة إتيانها مع العلم بأنها منكر، ومع دعوة الآخرين إلى تركها.