نام کتاب : فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري نویسنده : القحطاني، سعيد بن وهف جلد : 1 صفحه : 191
موضع قدم، أو موضع سوطٍ، أو خمار امرأة من أهل الجنة على رأسها، خير من الدنيا وما فيها، وهذا وصف لا يدور بالخيال؛ وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " يقول الله تعالى: «أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأتْ، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر» [1]؛ ولأهمية الترغيب قال الله عز وجل: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة: 17] [2]. وهذا يوضح للداعية عظم أمر الترغيب وعلوَّ شأنه، وأن له التأثير العظيم في النفوس، فينبغي أن يستخدم هذا الأسلوب في دعوة الناس وتوجيههم إلى الخير [3].
ثانيا: من أساليب الدعوة: التشبيه. دلت هذه الأحاديث على أن أسلوب التشبيه من أساليب الدعوة إلى الله تعالى؛ قال الإمام ابن دقيق العيد - رحمه الله: (وفي قوله - صلى الله عليه وسلم: «خير من الدنيا وما فيها» وجهان:
أحدهما: أن يكون من باب تنزيل المغيب منزلة المحسوس، تحقيقا له وتثبيتا في النفوس؛ فإن ملك الدنيا، ونعيمها، ولذاتها محسوسة مستعظمة في طباع النفوس، فحقَق عندها أن ثواب اليوم الواحد في الرباط - وهو من المغيبات - خير من المحسوسات التي عهدتموها من لذات الدنيا.
الثاني: أنه قد استبعد بعضهم أن يوازن شيء من نعيم الآخرة بالدنيا كلها، فحمل الحديث، أو ما هو معناه: على أن هذا الذي رتِّب عليه الثواب خير من الدنيا كلها، لو أنفقت في طاعة الله - تعالى - ثم قال رحمه الله: " والأول عندي أوجه وأظهر) [4]. [1] متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: البخاري، كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة، 4/ 103، برقم 3244 وصحيح مسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، 4/ 2174، برقم 2824. [2] سورة السجدة، الآية: (17). [3] انظر: فتح الباري لابن حجر 6/ 14، وشرح ثلاثيات مسند الإمام أحمد بن حنبل، للعلامة محمد السفاريني 2/ 346، ومنار القاري في شرح مختصر صحيح البخاري، لحمزة بن محمد بن قاسم 4/ 87، وانظر: الحديث رقم 7، الدرس الرابع عشر، ورقم 21، الدرس السابع. [4] إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام، 2/ 301 - 302، وانظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي 3/ 709 - 710، وشرح النووي على صحيح مسلم 13/ 31، وشرح الكرماني على صحيح البخاري 12/ 100.
نام کتاب : فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري نویسنده : القحطاني، سعيد بن وهف جلد : 1 صفحه : 191