لأنه إذا كان الباعث على الزنا هو اللذة وإشباعها، كان الصارف لهذا الباعث في تشريع القرآن العادل إنما هو الألم الحسي بالجلد، والألم المعنوي بمشاهدته وهو يجلد، ليشعر المذنب أنه لا قيمة للذة يعقبها ذلك الألم الشديد الحسي والمعنوي.
ومن المعلوم أن في الإنسان غريزتين:
غريزة حافزة دافعة، وغريزة مانعة كافة والغلبة لأقواهما سلطاناً لذا فقد عني الشارع الحكيم بتقوية سلطان المانع بما شرعه من عقوبة حاسمة لو تصورها الإنسان على حقيقتها لانكمش الدافع للجريمة المعاقب عليها بتلك العقوبة. (1)
ب -بيان السنة لحد الزنا:
جاءت السنة النبوية مؤكدة ومبينة لما جاء في القرآن الكريم من حد الزنا فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن جلد الزاني في الآية الكريمة إنما هو لمن زنا وهو غير متزوج، ويضاعف على عذابه بالجلد، نفيه سنة، كما بين النبي صلى الله عليه وسلم حد من زنا وهو متزوج، بأنه ضعف غير المتزوج بالرجم.
وما يزعمه أعداء السنة النبوية من مخالفة البيان النبوي في حد الزاني للقرآن الكريم زعم لا أساس له من الصحة، فذلك البيان النبوي صح متواتراً في سنته المطهرة وسيرته العطرة.
وهو بيان إلهي لقوله تعالى: {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله} [2] . [2] وقوله عز وجل: {فإذا قرأناه فاتبع قرءانه ثم إن علينا بيانه} [3] . (3)
وهذا البيان الإلهي واجب على النبي صلى الله عليه وسلم تبليغه، كما أنه واجب على الأمة إتباعه لقوله تعالى: {وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه} [4][4] .
(1) 1) نظرة القرآن إلي الجريمة والعقاب للدكتور محمد القيعي صـ 244، وما بعدها بتصرف. [2] 2) الآية 105 النساء. [3] 3) الآيتان 18، 19 القيامة. [4] 4) الآية 64 النحل.