ويؤيد ذلك أن الحديثين تضمنَّا أنه لا يحل دم من يشهد: أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، والمرتد لم يدخل في هذا العموم، فلا حاجة إلى استثنائه.
وعلى هذا فيكون ترك دينه عبارة عن خروجه عن موجب الدين، ويفرق بين ترك الدين وتبديله.
أو يكون المراد به من ارتد وحارب كالعُرَنيين [1] .
ويؤيد أن المرتد عن دين الإسلام المشكك، والطاعن في كتاب الله عز وجل، وسنة رسوله (محارب لله ورسوله، وتشمله الآية الكريمة.
ما روي عن أنس، وابن عمر، وابن عباس وغيرهم، أن آية المحاربة نزلت في قوم من عرينة سرقوا، وقتلوا، وكفروا بعد إيمانهم، وحاربوا الله ورسوله.
فعن ابن عمر أن ناساً أغاروا على إبل النبي (فاستاقوها، وارتدوا عن الإسلام، وقتلوا راعي رسول الله (مؤمناً، فبعث في آثارهم، فأخذوا، فقطع أيديهم وأرجلهم، وسَمَلَ أعينهم، وقال: ونزلت فيهم آية المحاربة. (2)
والعلاقة بين العقوبة والجريمة في الردة والبغي: هي المعاملة بالقسطاس المستقيم فلما كان المرتد يعد خارجاً على النظام العام، والباغي يبتغي تقويض نظام الحكم.
والنظام، واستقرار الحكم، أمران ضروريان لا غني للبشر عنهما، فهدمهما هدم للحياة، والخيانة وعدم النظام، لا تستقيم الحياة معهما. [1] الصارم المسلول على شاتم الرسول (لابن تيميه صـ 319، 385 بتقديم وتأخير.
(2) أخرجه أبو داود في سننه كتاب الحدود، باب ما جاء في المحاربة 4 / 131 رقم 4369، وينظر: الروايات الأخرى أرقام 4364- 4372 ففيها أيضاً التصريح بنزول آية المحاربة فيمن ارتدوا وحاربوا، وأصل قصة العرنيين في الصحيحين. ينظر:البخاري (بشرح فتح الباري) كتاب الحدود، باب المحاربين من أهل الكفر والردة 12 / 111-114 أرقام 6802 -6805، ومسلم (بشرح النووي) كتاب القسامة، باب حكم المحاربين والمرتدين 6/167 رقم 1671.