إن كلمة سيدنا عمر تعني على فرض التسليم بظاهرها أن التهارج فيما بعد سيكون شائعاً وجزاؤه الرجم، ولكن إن كان هذا التهارج لا بينة عليه بأربعة شهود يرون جريمة الزنا على نحو صريح لا شبهة فيه، فلا حد حينئذاَ إلا بالإقرار أو الحَبَلْ.
فالمقصود من كلمة عمر درء الحد مهما أمكن، فالحدود تسقط بالشبهات، كما سبق من قوله رضي الله عنه ((لأن أخطئ في الحدود بالشبهات، أَحَبُ إليَّ من أن أقيمها بالشبهات)) [1] .
وكأن عمر يقول لأُبَّيّ بن كعب: كيف تستقرئه آية الرجم أو كيف نكتبها، وفي ظاهرها التباس في عمومها؛ وهو عموم ينافي درء الحد بالشبهة؟ !
وفي ذلك إشارة إلي: ((التخفيف على الأمة بعدم اشتهار تلاوتها وكتابتها في المصحف وإن كان حكمها باقياً، لأنه أثقل الأحكام وأغلظ الحدود، وفيه الإشارة إلي ندب الستر)) [2] .
ثم إن تشكيك خصوم السنة النبوية، ودعاة التنوير الزائف، في حجية المصدر الذي أقيم على أساسه حد الرجم، بناء على هذه الآية المنسوخة تلاوة، الباقية حكماً.
هذا التشكيك والإنكار لا يفيد في شئ! .
لأن الرجم ثابت بالقرآن كما سبق [3] . وثابت بالسنة القولية، والعملية المتواترة عنه صلى الله عليه وسلم، وعن أصحابه رضي الله عنهم من بعده.
فقد اشتهر وتواتر الرجم عن النبي صلى الله عليه وسلم قولاً وعملاً في قصة ماعز والغامدية واليهوديين، وعلى ذلك جري الخلفاء بعده، فبلغ حد التواتر. (4) [1] سبق تخريجه صـ 81. [2] الإتقان 3/70 نص رقم 4139، وينظر: فيض الباري على صحيح البخاري للكشميري 4/ 449. [3] يراجع: صـ 90.
(4) تلخيص الحبير 4 / 147، وينظر: الأزهار المتناثرة صـ 59 رقم 82، وفي ثبوت الرجم عن الخلفاء الراشدين، وغيرهم وعدم إنكار ذلك عليهم من بقية الصحابة والتابعين، أبلغ رد على بعض خصوم السنة النبوية في زعمهم ((أن الرجم كان قبل نزول آية النور)) فيكون الجلد ناسخ للرجم على حد زعم أحمد حجازي السقا في كتابه ((لا رجم للزانية)) صـ 18. وأقول متسائلاً: هل خفيت دعوي النسخ هذه عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أجمع، وعن أئمة المسلمين من بعدهم، في مثل هذا الحد حتى تزعموا بعد هذا الإجماع، وبعد كل هذه القرون بلا دليل ولا بينة أن الرجم منسوخ؟ ! وينظر: مقال الدكتور مصطفي محمود في دعوي نسخ الرجم، جريدة الأهرام المصرية 5/8/200.ودين السلطان صـ 642 وما بعدها إلي ص 961، والدولة والمجتمع لمحمد شحرور صـ 276 وما بعدها.