فقال مالك فأعجبنى عزم عمر على ذلك" [1] والآثار فى هذا المعنى يكثر إيرادها، وقد استوعب كثيراً منها الإمام ابن قيم الجوزية فى كتابه أعلام الموقعين عن رب العالمين [2] .
... ويقول الإمام الشاطبى فى موضع آخر من كتابه مبيناً أن بيان الصحابى حجة، قال: "وأما بيان الصحابة، فإن أجمعوا على ما بينوه، فلا إشكال فى صحته أيضاً، كما أجمعوا على الغسل من التقاء الختانين المبين لقوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [3] وهذا الإجماع حجة موجبة للعلم،ولا يعتد بخلاف من خالفهم،كما حكاه السرخسى [4] ،عن أبى حازم القاضى [5] .
وإن لم يجمعوا عليه فهل يكون بيانهم حجة أم لا؟ هذا فيه نظر وتفصيل.
ولكنهم يترجح الإعتماد عليهم فى البيان، من وجهين:
أحدهما: معرفتهم باللسان العربى، فإنهم عرب فصحاء، لم تتغير ألسنتهم، ولم تنزل عن
رتبتها العليا فصاحتهم، فهم أعرف فى فهم الكتاب والسنة من غيرهم، فإذا جاء
عنهم قول أو عمل واقع موقع البيان صح اعتماده من هذه الجهة. [1] الموافقات 4/452 - 455، وينظر: الإعتصام 2/519. [2] أعلام الموقعين 4/118 - 156، وينظر: الرسالة للشافعى ص 596 فقرات رقم 1682، 1805 - 1811. [3] جزء من الآية 6 من سورة المائدة. [4] أصول السرخسى 1/317، وينظر: علم أصول الفقه وتاريخ التشريع الإسلامى للشيخ أحمد إبراهيم ص 24، 25. [5] أبو حازم هو: سلمة بن دينار المخزومى، عالم المدينة، وقاضيها، وشيخها، قال فيه ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث مات سنة 140هـ. له ترجمة فى: تقريب التهذيب 1/376 رقم 2496، وتذكرة الحفاظ 1/133 رقم 119، وشذرات الذهب 1/ 208.