تقديم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد، وعلي آله، وصحبه البررة الأوفياء، أئمة الدين، وصفوة الخلق بعد الأنبياء والمرسلين، ورضي الله عمن تبع سنتهم، وسلك طريقتهم، واقتفى أثرهم، ونصرهم إلى يوم الدين.
ثم أما بعد
فإن الطعن فى عدالة رواة السنة النبوية من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتابعين فمن بعدهم إلى الأئمة أصحاب المصنفات الحديثية، من وسائل غلاة المبتدعة الرافضة، والخوارج، والمعتزلة، والزنادقة [1] - فى الطعن فى السنة النبوية.
وغرضهم من ذلك تحطيم الوسيلة التى وصلت السنة النبوية بها إلينا، وإذا تحطمت الوسيلة يصبح الأصل معتمداً على لا شئ فيصبح لا شئ.
وقديماً صرح بذلك أحد الزنادقة فيما رواه الخطيب البغدادي فى تاريخه عن أبى داود السجستانى قال: "لماء جاء الرشيد بشاكر - رأس الزنادقة ليضرب عنقه - قال: أخبرنى، لم تعلِّمون المتعلم منكم أول ما تعلمونه الرفض - أى الطعن فى الصحابة -؟ قال: إنا نريد الطعن على الناقلة، فإذا بطلت الناقلة؛ أوشك أن نبطل المنقول" [2] .
وبذلك صرح ذيل (شاكر) محمود أبو ريه فى كتابه أضواء على السنة قائلاً: "إن عدالة الصحابة تستلزم ولا ريب الثقة بما يروون، وما رووه قد حملته كتب الحديث بما فيه من غثاء، وهذا الغثاء هو مبعث الضرر وأصل الداء" [3] .
نعم: إن الصحابة رضي الله عنهم "هم حجر الزاوية فى بناء الأمة المسلمة، عنهم قبل غيرهم تلقت الأمة كتاب الله عز وجل، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فالغض من شأنهم والتحقير لهم، بل النظر إليهم بالعين المجردة من الإعتبار، لا يتفق والمركز السامى الذي تبوءوه، ولا يوائم المهمة الكبرى التى انتدبوا لها ونهضوا بها. [1] حكاه عنهم الشاطبى فى الإعتصام 1/186، والبغدادي فى أصول الدين ص 19، وابن قتيبة فى تأويل مختلف الحديث ص 28. [2] ينظر: تاريخ بغداد 4/308. [3] أضواء على السنة ص 340.