ظهر الناقد (د. العظم) في هذا العصر، ضمن طائفة من الملاحدة الجدليين الذين ينكرون الله واليوم الآخر، ويكذبون الرسل والأنبياء، ويجحدون الكتب الإلهية والمعجزات، ويرتدون أقنعة العلمانية والبحث العلمي المتقدم، ويستغلون بالباطل كل ثقل التقدم العلمي المادي في الصناعة والتكنولوجيا، زاعمين للناشئين من أجيالنا أن التقدم العلمي الحديث يدعم مذهب الإلحاد والكفر بالله. مع أن العلم الحق إنما يدعم الإيمان بالله لا الكفر به، أياً كان نوع هذا العلم، أما الباطل الذي يلبس ثياب العلمانية فقد يدعم قضية الإلحاد بالله وبآياته، لأنه باطل يرتدي ثياب زور، فهو يؤيد باطلاً مثله، والباطل ينصر بعضه بعضاً.
لذلك كان لا بد من اللجوء إلى خطة جدال بالتي هي أحسن مع الكافرين والملحدين، لكشف مغالطاتهم، وفضح أهدافهم وأهداف سادتهم من نشر الإلحاد في الأرض، والأكاذيب والمفتريات، والتلبيس والتدليس، ولئلا يعيثوا في الأفكار فساداً، ويلمؤوها ضلالاً وإلحاداً.
أنتركهم يقذفون أجيالنا - أحفاد المؤمنين الصادقين المخلصين - إلى مواقع الهلاك والعذاب والدمار الماحق. وإلى أوحال المهانة والمذلة والخزي!؟
لقد رأيت بعد تردد طويل - كما ذكرت في المقدمات - أنه يجب علي وعلى جميع الباحثين من أنصار الحق والخير والفضيلة أن نكشف زيف هؤلاء المضللين، وأن نُبرز للمفتونين والمخدوعين وجه الحق مؤيداً بدلائل العلم القويم والمنطق السليم، وأن نناقش جدليات الملحدين مناقشة عقلانية علمية هادئة، وأن نجادلهم بالتي هي أحسن، ثم لا يضرنا بعد ذلك أن يُصروا على كفرهم وإلحادهم، فالله هو الذي يتولى حسابهم وعذابهم، أما نحن فما علينا إلا البلاغ المبين.