والعلوم عن طريق الملاحظة والتجربة والاستدلال، انطلقوا باحثين في شتى مجالات المعرفة التي تيسرت لهم إبان نهضتهم، قبل أن تثبطهم فترة الركود التي أصابتهم بهجرهم لتعاليم الإسلام، وإخلادهم إلى الراحة والكسل، والاستغراق في الشهوات , ورضاهم بأمجاد الماضي، إضافة إلى عوامل أخرى خارجية عنهم، أوقفت عجلة تقدمهم.
فما افتراه (د. العظم) على المنهج الإسلامي هراء ظاهر صنعته المغالطة التعميمية، ولكشف زيفه وافتراءاته نفصل منهج الإسلام للوصول إلى المعرفة.
(3)
منهج الإسلام للوصول إلى المعرفة
إن المنهج الذي رسمه الإسلام للوصول إلى معرفة حقائق الأمور هو المنهج الأمثل في تاريخ الفكر الإنساني، بتحديد أصوله وقواعده العامة.
وقد كانت أسس النهضة العلمية عند المسلمين هي المرشد والباعث للنهضة العلمية الأوروبية الحديثة، لسنا نقول هذا على سبيل التفاخر، وإنما نقوله تبياناً للحق الذي اعترف به وأعلنه مؤرخو الحضارات الإنسانية من غير المسلمين، لا سيما بعد أن وجد من أبناء جلدتنا أجراءُ لأعداء الإسلام، يحاولون بالمغالطة والتزوير طمس الحقائق، والقيام في العالم العربي بعملية زلزال فكري، يقصد منه خلط المعارف الثابتة، وتشويه صُورها، وتقويض أبينتها، وإقامة أبنية جديدة مكانها، ولكنها في هذه المرة لن تكون صالحة لأهلها، وإنما تكون للشياطين ومعهم القردة والخنازير.
يقوم الفكر الإسلامي أساساً على أن المعرفة الصحيحة هي ما كان مطابقاً للواقع والحقيقة، فما كان مطابقاً للواقع والحقيقة فهو حق، وما لم يكن مطابقاً للواقع والحقيقة فهو باطل. وقد تكون الصورة الفكرية أو القولية مطابقة للواقع والحقيقة من بعض الوجوه، ومخالفة لها من بعض الوجوه، فيكون فيها من الحق على مقدار المطابقة ومن الباطل على مقدار المخالفة.