حاول الناقد (د. العظم) بمغالطاته وافتراءاته الكثيرة - أُسوة بسائر ملحدي هذا العصر - أن يثبت أن الدين مناقض للعلم، ليتوصل من ذلك إلى نقض الدين كله جملة وتفصيلاً، وقد جعل هذه النقطة هي المحور الأساسي الذي دار حوله في محاربته للدين، ونقده المزعوم المزور للفكر الديني، ونقضه المزيف الكاذب لقضية الإيمان بالله من أساسها.
من أجل ذلك عقدت هذا الفصل "الحقيقة بين الدين والعلم" قبل الدخول مع العظم في المعركة الجدالية، حول النقاط التفصيلية التي أثارها في جدلياته غير الشريفة وغير الأمينة، لأكشف فيه مواقع النظر السليم إلى كل من العلم والدين، ولأحدِّد فيه أبعاد كل منهما، ومواطن الشبهات التي قد يقع فيها هؤلاء أو هؤلاء، وبذلك ينكشف للقارئ منهج الحق قبل أن يشهد في هذا الكتاب فصول الصراع الجدلي على النقاط التفصيلية التي أثارها العظم، فمن عرف قواعد الصواب والخطأ في موضوع ما قبل أن يشهد حلبة الصراع فيه استطاع في نفسه أن يكون حكماً، ويعرف المحق من المبطل، ويعرف المستقيم المقسط من المراوغ المخادع.
(2)
تجوزاً في التعبير، ومتابعة لما هو دارج على ألسنة الناس، أضع هذا العنوان (الحقيقة بين الدين والعلم) لهذا الفصل، مع أن الحقيقة أن الدين الحق ليس قسيماً مغايراً للعلم، وإنما هو علم عن طريق الوحي، وما جاءت به طريق الدِّين اليقينية هو من قبيل الحقائق العلمية، وللحقائق العلمية طرق إثبات أخرى هي الوسائل الإنسانية البحتة.