تاريخ، ولها وظائف فيه، كما للإنسان فيه وظائف، ثم بنى (العظم) على نظرته هذه التي نظرها من بعيد إلى المسلمين وعقائدهم، فزعم أن كل هذه الأمور جزء لا يتجزأ من التعليل الديني لنشأة الكون وطبيعته وتاريخ الإنسان ومصيره.
إن مثل (د. العظم) في صنيعه هذا كمثل من يراقب مطبخ الجيش المحارب من بعيد، فيرى فيه الكوسا والباذنجان وأكياس البصل وأواني الأطعمة المحفوظة وأدوات الطبخ وأسياخ شي اللحم، فينسى وظائف هذه الأشياء فيقول: إن هذا الجيش المحارب يستخدم في حربه (الكوسا والباذنجان والبصل وعلب الطماطم) ويعدد ما شاهد في مطبخ الجيش، ثم يقول: إن هذه الأشياء تمثل عند عدوناً جزءاً لا يتجزأ من القيادة العامة للجيش.
كان باستطاعته ما دام قد وصل إلى هذا الحد من السخافة الفكرية النقدية أن يضيف أشياء كثيرة لا حصر لها من الدين، ويجعلها جزءاً لا يتجزأ من التعليل الديني لنشأة الكون وطبيعته وتاريخ الإنسان ومصيره، فله أن يضيف مع الصلوات التي ذكرها الزكاة والصوم والحج وتحريم الربا وتحريم الخمر والميسر، وتحريم أكل أموال الناس بالباطل، وتحريم الغش، وتحريم العدوان والظلم وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأن يضيف مع الملائكة والجن جميع الحيوانات والنباتات التي خلقها الله، والجبال والأوديان والأنهار والسحاب والليل والنهار والسماء والأرض، فكلها مذكورة فعلاً في القرآن، ولكن لكل منها مناسبة، ولكل منها موقعاً، ولا علاقة لها بتعليل نشأة الكون وطبيعته، وإنما هي أجزاء موجودة في الكون تحتاج هي إلى تعليل، وليست جزءاً من التعليل.
فيا لهذا من مغالطة متهافتة جداً، تكشف لأصغر طلاب المدارس زيف كاتبها، إذا كان لديه ولو قدر يسير من المعرفة الدينية.